[ هذه المساهمة ضمن ملف خاص حول رسامي كاركاتير عرب في زمن ما بعد موجة الثورات الأخيرة .انقر/ي هنا للاطلاع على جميع مواد الملف، الذي أعده لـ”جدلية“ أوس داوود يعقوب.]
برأيي الكاريكاتير لا يتغير دوره وهو التحريض ووضع الإصبع على الجرح مع رسم بسمة. اتسع الجرح حتى صار بحجم الوطن فزادت مسؤولية رسامي الكاريكاتير.
في الثورة تتحرر الأفعال والأقوال من سلطة الطغيان فتتسع أعداد الفاعلين في الشأن العام.
قرية "كَـفْـــرَنْــــبِـــل" (غرب معرة النعمان من محافظة إدلب) بكاملها غدت صانعة للأفكار الكاريكاتورية. ولذلك تقصف من النظام البائد ومن الطيران الروسي المحتل. ومن القوى الفاشية. مع ذلك مازالت تجترح البسمة من قلب المأساة. على الكاريكاتير مهمة دقيقة في متابعة مايحدث وأن يشير إلى كل الأخطاء. وتحويل الشعور الشعبي العارم إلى أعمال فنية ناقدة توثق المرحلة. إن تصفح موقع "الذاكرة الإبداعية للثورة السورية" هو ترجمة عملية لنتائج هذا التفاعل.
قال "ألبرت أينشتاين" يوماً: "إن كل المعرفة ليست إلا صقل للحياة اليومية المعاشة". والمقولة المعروفة: "إن التاريخ يعيد نفسه أول مرة بشكل تراجيدي وثانية بشكل كوميدي". تحيل إلى دور الكاريكاتير ضمن هذا السياق الثوري الآن. بل عمومًا! فبرأيي: "الكاريكاتير هو إعادة التاريخ بشكل يومي وساخر". مع الانتباه إلى عدم الوقوع في الطهرانية، أو الابتزاز العاطفي فقد لوحظ أن الانجرار نحوهما ينتج أفكاراً رديئة رغم النوايا الطيبة.
الثورة السورية سرعت في تشكيل هوية واضحة للرسامين الفاعلين والمنفعلين فيها. ودفعت بالصامتين منهم إلى خلفية المشهد. أصابع علي فرزات وروح أكرم رسلان فضحت (آل كابونية) نظام الطغيان وحاشيته الثقافية المالية الدينية المدافعة عنه بشراسة.
حنظلة (ناجي العلي) استشعر ذلك مبكراً فحفر له مكاناً عميقاً في الوجدان العام. ولكنه الآن بعد التضحيات والضحايا الكثر. لم يعد وحيداً.
***
سعد حاجو رسام كاريكاتير سوري من مواليد دمشق 1968، يحمل الجنسية السويدية ويقيم في السويد، يُعد من أهم رسامي الكاريكاتير العرب. تخرّج من كلية الفنون الجميلة في دمشق العام 1989 (قسم التصوير الزيتي)، وقد بدأ ممارسة مهنة الكاريكاتير في الملحق الثقافي لجريدة "النهار" اللبنانية عام 1993 وانتقل بعدها في العام 1995 إلى جريدة "السفير" قبل أن يترك الأخيرة وينضم لجريدة القدس العربي الصادرة من لندن، إضافة إلى عمله في موقع (24) الإماراتي وصحيفة "صدى الشام" السورية الثورية، كما بدأ بنشر رسوماته في بعض الصحف السويدية منذ العام 2009.
ويُعد "حاجو" من أبرز الرسامين السوريين الذين شاركوا في تأريخ الثورة السورية عن طريق رسوماتهم الساخرة. وقد حصل في شهر أكتوبر/ تشرين أول الماضي، على جائزة "إيفيكو"EWK للكاريكاتور، وهي أرفع جائزة للفن العالمي الساخر في السويد. وقد منحته لجنة التحكيم الجائزة عن مجمل أعماله لأسلوبه، الذي وصفته بالسهل الممتنع، حيث يمتلك موهبة فنية عالية وقدرة على السخرية الراقية والمزج الخاص بين العمق والبساطة وخفة الظل. كما تعد الجائزة تكريمًا لدوره الإيجابي في تعريف القارئ السويدي على الكاريكاتور العربي، حيث نظم أكثر من معرض دولي داخل وخارج السويد، والتعريف به كلغة عالمية. وهو متزوج من الفنانة التشكيلية ورسامة الكاريكاتير السورية سحر برهان.