بين المقاومة واليأس، كيف لنا أن نفصل الأشياء، في علاقة بالانتفاضة التي هزت في كانون الثاني الفارط، الأحواز والمدن الصغيرة في المناطق الريفية وشبه-الريفية؟
مرت خمس سنوات، يوما بيوم، منذ اندلاع الثورة، سيناريو شبيه والأسباب ذاتها. في حين يتسابق الكثيرون لردمها، هاهي الثورة المهزومة تغالط من أرادوا وأدها. لا أحد في مأمن..
القصرين، مدينة تونسية تقع في الوسط الغربي، محاذية للحدود الجزائرية، وتبعد عن تونس العاصمة حوالي 300 كلم.
يوم 17 من شهر كانون الثاني وهب الشاب العاطل عن العمل، رضا اليحياوي نفسه للموت. لم يكن الأول، سبقه آخرون، يوم 17 ديسمبر، في منطقة سيدي بوزيد، أحرق محمد البوعزيزي نفسه، كانت شرارة الانطلاق، انتفض البلد وخرج العالم العربي من سباته و بلبلته، هذا نصر في حد ذاته: اندلعت الثورة.
بعد خمس سنوات، انطلق التمرد من القصرين ليجتاح كل الجهات المجاورة، المتفق على تسميتها "بالمناطق الداخلية " دواخل البلاد المظلمة والمحتقرة. تعددت التظاهرات: مظاهرات، احتلال أمكنة، اعتصامات، سد الطرق، صوم احتجاجي، استحضرت كل أدوات التعبئة والاحتجاج، الثورة تبدأ مجددا، تعود لكيلا تدوم. تبدأ دون جحافل الطبقة العاملة المنظمة في المناطق الساحلية، تبدأ دون البرجوازية الصغيرة في تونس وصفاقس وغيرها، وتبدأ طبعا دون أطياف البرجوازية التي لم تكن متأسفة منذ خمس سنوات تلت لرؤية رحيل الجلفين بن على وزوجته، المتهمين بالاغتناء على حسابها.
تبدأ الثورة مجدّدًا وكأنها تثأر لشرف أضنته النكسات والخيانات. الثورة تريد التقيؤ حين ترى قيادتها السابقة.
في كل العالم العربي، المجال الوحيد الذي أمكن الثورة فيه أن تنتصر وتحصل أكثر من ثورة سياسية في حدها الأدنى، انتصرت ثم هُزِمَتْ وقُبرت وديسَت وفُككت على أيدي الثورة المضادة. وفي هذا المجال داعش ليست إلا الزائدة الكريكاتورية، النمو الوحشي للثورة المضادة التي تمتص دم الثورة لتعيش، وتونس مهما قيل لم تنجُ من هذا العنف.
الثورة المضادة اليوم في مصاف الحكم، اتكأت على العنف والمجازر التي قصمت ظهر الثورات في الدول العربية الأخرى. اتكأت لزمن ما على القمع والعنف البوليسي، على عنف المجموعات الجهادية الذي غذَّته الآفاق المسدودة للثورة وارتكزت أساسا على البؤس الذي خلفه الإضراب الفظيع عن الاستثمار الذي قاده أرباب الأعمال والذي يعبر عنه مخاتلة بعبارات على غرار "سقوط مستوي الاستثمار“، ”الأزمة الاقتصادية " و"فقدان الثقة". إضراب سياسي استوجب ردا سياسيا قمعيا، لا تلك "المصالحة الاقتصادية "التي سيتوصلون في النهاية لفرضها بطريقة أو بأخرى.
رحل بن علي لكن أتباعه اليوم هم من يمسكون السلطة. هم حاضرون أكثر فأكثر، يتخاصمون فيما بينهم لتقاسم الكعكة. ليسوا مستعدين في الوقت الراهن للتراجع عن الأشكال الديمقراطية التي حققتها الثورة على غرار ما أشار له كارل ماركس من أن الكتل الملكية في 1848 لم تكن قادرة على الحكم خارج الجمهورية غير أن من يحكم اليوم في تونس هم شبكات المصالح واللصوص والبيروقراطية ورجال الدولة الذين تحنكوا تحت حكم بن علي. هم يمسكون الحكم رغم علمهم التام أنهم رهن التحولات العميقة التي أدخلتها الثورة. هم الآن مُجبَرون علي تقاسم السلطة والتفاوض مع أبرز القوى السياسية التي أفرزتها الثورة وخصوصا حزب النهضة، هم كذلك مُجبَرون على أن يأخذوا بعين الاعتبار المصالح الخصوصية للاتحاد العام التونسي للشغل..
لكن إذا استطاع حزب النهضة الاندماج في الحكم وفي مؤسسات الدولة وشبكات مصالح الطبقة المُهَيْمِنة، كما كان متوقعا، فإن دور المركزية النقابية في إعادة إدماج شبكات بن علي، رغم إسهامها في التحركات التي أطاحت بالدكتاتور، يبقي إشكاليا. إشكالي كذلك موقفها اللامُبالي بل حتى المعادي يناير الفارط..
في الحقيقة لا يمكننا فك لغز هذا التناقض الظاهري إلا إذا اعتبرنا أن الاتحاد العام التونسي للشغل ما هو إلا مجرد نقابة بيروقراطية كما هو حال النقابات الكبرى في أوروبا حتى إن وجدت أوجه شبه مع هذه النماذج. وحتى إن وجدنا فيه بعض أشكال التعاونيات المفيوزية على غرار النقابات الأمريكية. إن الاتحاد العام التونسي للشغل لا يمكن أن يتلخص في ذلك.
إن البيروقراطية النقابية هي إرث النظام البورقيبي وأحد أُسسه وإن شابت علاقتهما منذ الاستقلال بعض الخلافات العنيفة..
لقد تمثلت إحدى ركائز "البونابرطية" البيروقراطية البورقيبية في سياسة "التحديث" و"التنمية” المتأصلة في الهرميات الإمبريالية للنظام البين-الدولي الما-بعد-إستعماري، والقائمة بما في ذلك على الهيمنة السوسيوعنصرية: الاقتصادية-السياسية والثقافية على المجموعات الريفية وشبه-الريفية في الغرب والجنوب لحساب مدن شرق البلاد، البيروقراطية، البرجوازية الناشئة وبطريقة ملتبسة الطبقة العاملة الحضرية.
مثل الاتحاد العام التونسي للشغل المأزق الأساسي في هذه البنية التحتية /البنية الفوقية باعتباره وسيطا أساسيا بين الطبقة العاملة الحضرية والدرجات السفلي من البيروقراطية من جهة، ومع الدولة البورقيبية من جهة أخرى. رغم تحولات النظام السياسي في تونس وتتابع مسارات اللَّبْرَلَة، مازالت المركزية النقابية تلعب دورا هاما في التركيبة السوسيوعنصرية المتواصلة إلى حد اليوم والتي تعقدت أكثر مع موجات الهجرة الداخلية باتجاه المناطق الساحلية.
لئن واصلت المركزية النقابية فرض حدود لاستغلال العمال، وإن أثبتت بعض النقابات المنضوية تحتها مقاومة حقيقية، فمن منظور الثورة يبقى الاتحاد العام التونسي للشغل جزءا من المشكل وليس الحل وهذا لا يعود فقط لكونه منظمة بيروقراطية إصلاحية.
فحل المعضلة الثورية في تونس لا يتمثل في الشكل الديمقراطي أو غير الديمقراطي للدولة الحديثة كما لا يقتصر على الصراع الطبقي بين البروليتاريا والبرجوازية، بل يتمركز أساسا في ما تصبو إليه تلك العبارة المنمقة " التوازن الجهوي" ذلك الشعار المتكرر منذ بداية الثورة، ذلك الشعار الذي يُردد بصورة جوفاء. بدل المطالبة بتشجيع التصنيع وتحديث "المناطق الداخلية"، وهو المقصود من عبارة التوازن الجهوي حتى بالنسبة لليسار، من الأرجح أن تربط المسألة الزراعية بالمسألة العنصرية المتنازعة مع الصراع الطبقي كما حاولت إبراز ذلك في النص التالي.
حدث إخماد انتفاضة يناير بسرعة ولكنها جاءت لتذكر أن مسألة الهيمنة على "المناطق الداخلية" تكمن في قلب المسار الذي انطلق في سنة 2010 وليست مجردة قضية عرضية أو جانبية لا وقع لها على الاستراتيجية الثورية الراغبة بتوزيع منصف للثروات والاستثمارات.
الإصلاح الزراعي الذي يدعو إليه اليسار منذ سنين (وإن كان اليوم بدرجة أقل) لا يمكن أن يتحقق دون تَثْوير العلاقات بين شرق وغرب البلاد ودون تفكيك الهرمية العنصرية التي أنتجتها الدولة الحديثة: أي بطريقة أخرى لا يمكن أن يتحقق دون أفق مناهض للرأسمالية كشرط أساسي لتحقق الحلف بين الطبقات الثورية.
كذلك الأمر بالنسبة للإصلاح الحضري في علاقة بالضواحي الفقيرة للمدن الكبرى، حيث يتكدس أبناء "النزوح الريفي". إذ لا يمكن أن يتلخص في النضال من أجل التشغيل الذي يقصد به إعادة الاستثمار الرأسمالي بل يتحقق في علاقة لصيقة بضرورة الإصلاح الزراعي.
من المؤسف جدا، أن اليسار الإصلاحي، المتمثل أساسا في الجبهة الشعبية، والمندمج في هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل وفي المؤسسات المدنية الأخرى للدولة وفي الأجهزة الإمبريالية للمنظمات غير الحكومية، اختار تجميع القوى السياسية على أساس الدفاع عن الحداثة لا على أساس خيارات طبقية .
افتتحت في العالم العربي سلسلة من الأزمات، الحروب و الثورات، هل سنرى ميلاد أفق ثوري جديد غير ما يقدمه اليسار الحداثي؟ بين المقاومة و اليأس؟ لست أدري.
زحف الثورة المضادة 2015
هل تعد تونس الاستثناء الخارق؟ زهرة الربيع العربي الوحيدة التي أينعت؟
خلاصة أربع سنوات من التقلبات والأزمات العنف هل تونس هي البلد الوحيد الذي نجح في انتقاله الديمقراطي؟ وأهدى شعبه مواطنة طال انتظارها. الوقائع لا تبرر مثل هذا التفاؤل.
هزيمة الطبقات الشعبية
الوقائع، أولا، هي موازين القوى التي أفرزتها الانتخابات التشريعية والرئاسية. فقد مَثَّلَ هذا الاقتراع الثنائي لحظة فارقة في قلب التوازنات السياسية الناتجة عن انتخابات المجلس التأسيسي في 2011 والتي جلبت إلى الحكم مكونات المعارضة الديمقراطية لنظام بن علي، أي ما سمي بالترويكا[1] والتي تحيل إلى حزب النهضة وحلفائه في حين طردت شبكات النظام السابق من الساحة السياسية وواصلت عملية التحلل التي ابتدأت بسقوط الديكتاتور. نجحت التحركات الشعبية في فرض انتخابات المجلس التأسيسي التي تلاها انتخاب المنصف المرزوقي لرئاسة الجمهورية، وهو دون شك أكثر وجوه الحركة الديمقراطية راديكالية، وكان هذا في استمرارية للدينامكية الثورية[2] . في المقابل كرست انتخابات الخريف السابق هزيمة الطبقات الشعبية وخصوصا الأكثر فقرا واحتقارا من سكان الجهات الداخلية وأحواز المدن الكبرى الشرقية والغربية الذين امتنعوا عن التصويت أو صوتوا لحزب النهضة خلال الانتخابات الرئاسية أو رأوا أنفسهم في الديماغوجيا الشعوبية للمنصف المرزوقي خلال الانتخابات الرئاسية.
دون أن تنجح موازين القوى الجديدة في ترميم النظام السابق تمكنت من أن تعيد إلي السلطة القطاعات المهيمنة المرتبطة بشبكات بن علي والذين تجمعوا في غير واضح داخل حزب نداء تونس الذي شمل كذلك شخصيات من الحركة الديمقراطية واليسار. اِلْتَأَمَ شمل الجميع حول شخصية رجل هو الباجي قائد السبسي البالغ من السن 88 عاما وأحد وجوه برجوازيات العاصمة القديمة. رجل تتماهى سيرته مع تاريخ الدولة منذ الاستقلال إلى اليوم. الباجي قائد السبسي هو اليوم رئيس الجمهورية[3] وحزبه متحصل على أغلبية برلمانية مريحة.[4] يهيمن نداء تونس شبه كليا على السلطة التنفيذية، وخصوصا وزارة الداخلية تلك القوة العظمى، وذلك بمعية بعض المكونات السياسية اللبرالية وبعض ممثلي النخب التكنوقراطية الجديدة. هذا إلى جانب بعض الوجوه اليسارية وممثلين عن حركة النهضة اللذين يشغلون مراكز ثانوية.
الأهداف الحقيقية للسلطة الجديدة تتلخص في بعض العبارات: إعادة النظام والأمن السياسي للطبقات المهيمنة والشبكات المفيوزية، حل الحركات الاحتجاجية الديمقراطية والاجتماعية، طمأنة البرجوازية المحلية والمستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية العالمية. هذا إلى جانب طمأنة الجنرالات الجزائريين وإعادة إدماج تونس داخل الحلف القائم حول العربية السعودية ومصر وهذا طبعا بمباركة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وخصوصا فرنسا.
دون الخوض في التفاصيل تفسر هزيمة مكونات الترويكا بعدم قدرتهم أو بعبارة أصح بانعدام رغبتهم في تعميق المسار الثوري الذي انطلق في ديسمبر 2010. وهو ما يعني أولا الاعتماد على راديكالية الحركات الشعبية لتُحَيِّدَ بصفة نهائية شبكات ومراكز السلطة المرتبطة بالنظام السابق.
مع الاحتكام إلى بعض مراكز القرار تمثلت الاستراتيجية المُهيمنة لدى الترويكا في إبرام تحالفات مع بعض الكتل التابعة للنظام السابق ومع برجوازية الأعمال. كما تمسكت النهضة بتقييد الدستور الجديد لصالحها وبالقيام بمعارك خاسرة في النهاية حول مكانة المرجعية الإسلامية في المؤسسات والمجتمع، لم يطل انتظار عقوبة مثل هذا الخيار إذ لم تنجح الترويكا في إدماج النظام السابق بل نجح هذا الأخير في إدماج المعارضة الديمقراطية و اليسار. أكثر من ذلك، خشية تطور الوضع نحو ما آل إليه الأمر في مصر، وتحت ضغوط خارجية متعددة، اختار حزب النهضة التحالف مع الحزب الفائز. باعتبارها القوة الثانية داخل المجلس قدمت النهضة دعما ضمنيا إلي الباجي قائد السبسى بمناسبة الانتخابات الرئاسية كما صوت نوابها للوزير الأول الذي عينه رئيس الجمهورية، والنهضة تساهم في الحكومة التي شكلها الحزب الأغلبي.
في الحقيقة هذا المخرج كان معدا منذ زمن قبل الانتخابات لكن اللغز يكمن في بنود هذه التسوية.
مفارقات اليسار
من واجبنا أن نتساءل حول مفارقة تقارب جزء هام من الطبقات الوسطى، خصوصا في المدن الكبرى في غرب البلاد، والاتحاد العام التونسي للشغل الحركة الديمقراطية والمكونات اليسارية، وخصوصا الجبهة الشعبية (خليط غير متجانس من مجموعات يسارية وقومية عربية)[5] مع نداء تونس. كيف لنا الادعاء بحق الدفاع عن الثورة ضد التهديدات التي تواجهها والتي ساهم فيها حزب النهضة بالتحالف مع النظام السابق؟
إن التحركات الجماهيرية الواسعة المستمرة التي خاضتها الدوائر الديمقراطية والمجموعات اليسارية النسوية النقابية التي تناست شعاراتها مقابل مساندة لا تكاد تشوبها شائبة لنداء تونس لا يمكن أن يكون مجرد خطأ في القيادة أو مدفوعة بطموح شخصي لبعض القيادات السياسية.
كما لا يمكننا القبول بحجة تغيُّر أهداف الثورة انطلاقا من انتخابات المجلس التأسيسي ليتمحور الصراع حول ثنائية الإسلام والحداثة لكن هذا النزاع، بما أنه ساهم في توزيع القوى بين هذا المعسكر وذاك وقد حمل كلاهما جملة من المصالح الطبقية المتناقضة، فلا يمكننا استبعاده بسهولة
بل علينا أن نتساءل عن النزاعات الحقيقية التي ينطوي عليها هذا الصراع وما هي علاقات الهيمنة التي امتزجت بالنضالات الديمقراطية الطبقية والجندرية (النوع الاجتماعي)[6] حتى يتراءى أن في مساندة نداء تونس دفاع عن الحداثة ضد إسلام سياسي يزعم أنه رجعي ومتخلف.
للإجابة عن هذه الأسئلة سنحاول في حدود هذا النص الربط بين فرضيتيْن، الأولي تُدْخِلُ النزعات التي أنتجتها الثورة في الدور المُؤَسِّسْ والمتواصل للهيمنة الإمبريالية في بناء الدولة وهيكلة العلاقات الاجتماعية، والثانية انطلاقا من غرامشي تتعرض لدور المثقفين في مثل هذه النزاعات. مع العلم أن الموضوع الذي أتناوله يحتاج إلي الكثير من التحليل والاستدلال إلا أنه يفتح محاور تفكير هامة حول الديناميكيات السياسية التي قد تبدو للولهة الأولى متناقضة إذا حاولنا تفسيرها فقط بالاعتماد على التحليل الطبقي أو على النزاع حول شكل الدولة.
خصائل الحداثة الصفراء
أنا مقتنع من جهتي أن تطورات الثورة التونسية لا يمكن أن تُفَسَّر دون أن نأخذ بعين الاعتبار داخلية الهيمنة الإمبريالية. هذه الأخيرة لا تتفاعل فقط لتنمية العلاقات الطبقية داخل المجتمع في سياق بلد تابع بل تُدمجها في العلاقات النظامية الخصوصية التي أنتجتها المصفوفة الاستعمارية. وهذا ما أعني به العرق الاجتماعي أي العرق كنتاج اجتماعي.[7] والأعراق كما هي شكل من أشكال الهيمنة الأوروأمركية المتواصلة حاليا والتي تصنف المجموعة المًعَرَّفة كبيضاء مسيحية أوروبية في أعلى هرمية الشعوب استنادا على معايير تَمايُز بين المجموعات البشرية على أسس طبيعية أو ثقافية.
يُعَبَّر عن هذا الهرمية حاليا بطريقة غير واضحة ومجازية وذلك عبر الحديث عن الاختلافات في التنمية أو الثقافة وهي محجوبة عبر الاستقلال السياسي والعلاقات التي تبدو متساوية بين الدول القومية في إطار النظام البين-دولي العالمي.
عَنْصَرة العلاقات الاجتماعية كظاهرة عالمية تتجاوز الحدود هي مؤسسة لأشكال التواجد الإمبريالي داخل مختلف الدول القومية أي بطريقة أخرى وبأشكال غالبا غير واضحة وغير مباشرة أو متعلقة بنزاعات أخرى وتحت غطاء الدول القومية هي فاعلة حتى في النزاعات المحلية.
سأكتفي بذكر أحد أشكالها المرتبط برهانات أكثر تعقيدا، ألا وهو الربط بين الشرف الاجتماعي والبياض أي أن الاعتراف بك كأبيض أو أكثر بياضا من الآخرين يعني أن تتطابق مع المنظومة القيمية المهيمنة في الدول الإمبريالية حتى في الأشكال الاحتجاجية التي تنتجها يصبح معيار تفاضلي قد يفيض على الصراع الطبقي. بنفس الشكل وبالاشتراك مع الإحساس الوطني يصبح الاندماج في البياض[8]، حتى بطريقة سطحية أو جزئية، شرطا ضروريا للرُّقي بالأمة داخل الهرمية العرقية العالمية.
أما الفرضية الثانية فهي أن المثقفين بالمعنى الغرامشي للكلمة يلعبون دور وسيط أساسي للعرق ومصطلح مثقف لا يعني السمات الخاصة بأشكال من العمل اليدوي والفكري إنما يُحيل على المكانة الخصوصية لهاته الفئة داخل التَّمَفْصُلات الاجتماعية، وخصوصا داخل علاقات الطبقات الأساسية في المجتمع، ودورهم يتمثل على اختلاف درجاتهم وتنوع آلياتهم على تأمين التنظيم الإداري والسياسي والأيديولوجي داخل المجتمع. المثقفون هم موظفو البنى الفوقية، موزعون في ماكنة الدولة حتى في مراكزها القيادية وفي المجتمع المدني . كتعبير عضوي عن الطبقات تنمي هذه الفئة عبر خصائصها ودورها الاجتماعي ديناميكيات طائفية مرتبطة ومستقلة في الآن نفسه عن العلاقات الطبقية. أما فئة المثقفين، حسب المعنى الخاص التي يُضفيه عليها غرامشي، فإنها مؤسسة للدولة الحديثة المنتمية للاقتصاد الرأسمالي والمرتبطة عضويا بالسوق العالمية.
يحاول غرامشي تحليل دور ووظيفة المثقفين في إيطاليا، الدولة الحديثة والتي تأسست بشكل مُتأخر وهي في وضع تابع في الهندسة البين-دولية للبلدان الإمبريالية. لا يتعرض غرامشي للدول الحديثة المَدْمَجة داخل النظام البين-دولي العالمي والتي تشكلت تاريخيا داخل العلاقات الاستعمارية. بيد أن مقاربته يمكن أن تسلط الضوء في علاقة بالدول التي تأسست إبان الاستعمار مع اختلاف مهم وهو أن هذه الدول تشكلت في وضع تابع كتعبير عن العلاقات الكلونيالية والبعد-كلونيالية. كتب غرامشي أنه "خلافا للطبقات الاجتماعية الأساسية، علاقة فئة المثقفين وعالم الإنتاج علاقة غير مباشرة يلعب فيها النسيج المجتمعي ومجمل البُنى الفوقية[9] بدرجات متفاوتة دور الوسيط". تطبيق هذه الفرضية في علاقات بالدول التي تكونت بناها الفوقية و نسيجها المجتمعي جزئيا داخل الهيمنة الإمبريالية تضاعف محددات طبقة لفئة المثقفين بمحدد آخر متجذر وهو التمايز العنصري.
إن الهيمنة العنصرية تجد جذورها في الدولة، في عقلانيتها وقانونها و اندماجها في وضع تابع داخل المنظومة البين-دولية العالمية. وكذلك في أبعاد أخرى للهيمنة: المعايير والأعراف الثقافية وكل ما له علاقة بالأخلاق التي يلعب فيها المثقفون دور الوسيط الذي يحظى بالامتياز. لذلك يمكن التطرق لفئة المثقفين عبرالنزاعات المُتأصلة في العلاقات الاستعمارية والتي أسميها بصراع الأعراق الاجتماعية. في المجتمع الكلونيالي العنصري، خصوصا في أشكاله الراهنة، يمثل المثقفون فئة بالغة الأهمية خصوصا وأن الأعراق كنظام تندرج مباشرة داخل البنى الفوقية. بالتزامن مع دورهم في العلاقات الطبقية وأحيانا بطريقة تشمل هذه العلاقات، فالمثقفون هم "موظفو" العرق مما يضخم استقلاليتهم النسبية في علاقة بعلاقات الإنتاج.
الزاوية العرقية في تونس
يجب أن ندرس بطريقة دقيقة عبر أي آليات لعبت الهرمية العرقية دورا مُؤَسِّسًا للهياكل "الأصلية" للمجتمع والدولة التونسية خلال الفترة الاستعمارية والمابعد-إستعمارية. حتما لا يسمح هذا المجال بذلك ولكن يمكن المقاربة مع ملاحظات غرامشي حول دور المثقفين في بناء الدولة الإيطالية الحديثة والمبادرة السياسية البالغة الاستقلالية التي اكتسبوها نظرا للضعف العضوي للبرجوازية والميزات الخاصة بالرأسمالية الإيطالية المرتبطة بعوامل خارجية. التشابه بين التجربة الإيطالية وبناء الدولة التونسية واضح وضوح الشمس. نحن أمام أحد ثوابت الدولة التونسية والاقتصاد الحديث الناتج عن ضعف الطبقات الأساسية،
دور المثقفين مُحَدِّدٌ لنقل بارز في البناء المابعد-استعماري للبني الفوقية كما للبنى التحتية، علاوة على ذلك وبالحصول المكثف على صفة مثقف انفصلت مجموعات هامة من الطبقات الشعبية عن العلاقات الاجتماعية التقليدية لتندمج في الاقتصاد الحديث ورأسمالية الدولة. الاتحاد العام التونسي للشغل، تلك النقابة الكبرى التي يتقاطع تاريخها مع تاريخ النظام القديم بالإضافة إلى دوره كنقابة عمالية، هو كذلك منظمة إيديولوجية طبعا بالمفهوم الغرامشي إذ تدمج في منطق الدولة أولئك الذين من الممكن أن يلعبوا دور المثقفين العضويين للبروليتاريا. هذا لا ينفي وجود صراعات حادة أحيانا كتعبير جزئي لا عن الصراع الطبقي فقط.
بإمكاننا كذلك تحليل الطابع الإشكالي لعضوية هذه الطائفة المثقفة ولمؤسسة غالبا كمنتوج متدهور للغرب أي خصوصا لعلاقات الإنتاج والبُنى الفوقية المعتمدة عنه لنخلص إلى ما يمكن تسميته ب"العضوية الهجينة " لدرجة تجعل من المشروع القول إن موظفي البني الفوقية في تونس، خاصة أولئك الذين يلعبون دورا محددا في المنطق العام[10]، هم في نفس الوقت وساطات للعالم الأبيض، تعبير عن الضغوطات الناتجة عن تبعية الدولة التونسية داخل النظام البين-دولي وفي الأخير تعبير نسبي عن النزاعات الاجتماعية الداخلية.إذا كان "المثقفون التقليديون" بالنسبة لغرامشى هم مثقفو عالم متأزم يُثْبِتُ كل يوم تقادمه، فالمثقفون التقليديون في تونس هم أولئك الذين تَكَوَّنوا في رحم الحداثة البيضاء .لا أنكر كذلك وجود فئة مثقفة متمسكة نسبيا بأشكال العلاقات المُتجذرة في الفترة القبل-استعمارية أو الاستعمارية لكن هذه المجموعة الهجينة مندمجة كذلك في الدولة في وضع تابع و لنقل في علاقة لا تخلو كليا من الضغوطات. كما يجدر القول إنه لم يعد لهذه الفئة أي دور تاريخي مستقل... حتى وإن كانت هده الفئة ممثلة جزئيا داخل النهضة، يبدو لي من الخطأ تصنيف هذا الحزب في ما قبل-الحداثة إلا في حال اعتبار المرجعية الإسلامية كأرضية قيميّة وعملية عنوانا للتخلف.
مفارقات النهضة
إن كل علاقة هيمنة هي كذلك علاقة مقاومة مهما كانت هذه الأخيرة محتشمة، جزئية، متناقضة او حتى عبثية. كذلك الأمر بالنسبة للهيمنة العرقية.
في تونس تأخذ هذه المقاومة أشكالا متعددة عبر معاداة الإمبريالية التقليدية بالنسبة لليسار الراديكالي، عبر القومية العربية، عبر المرجعية الإسلامية وكذلك من خلال تعبيرات معاداة الغرب التي تشق كل الشرائح الاجتماعية. ما يُمَيِّز هده المقاومات هو ازدواجيتها وتناقضاتها، هكذا وخلافا لما هو ظاهري، حزب النهضة ليس بمعزل عن الجاذبية البيضاء. لا أرى هنا سببا للعودة إلى تاريخ الحزب كي نلاحظ ثنائية الحركة داخله بين التأكيد على هوية خاصة بالشعوب الإسلامية أعيد إنتاجها والتي من دورها إعادة بناء الأمة في مواجهة الغرب وبين الاندماج العميق في البنى الأساسية لهذا الأخير الشيء الذي كان محددا أكثر لمسيرة الحزب من جانبه الهَويّاتي الذي تحول إلى مجرد سفسطة حول إعادة بناء الأمة وانحصر في المسألة الأخلاقية والحفاظ على شكل العائلة وكأنه شكل متأصل.
لنقلها دون مراوغة: النهضة حزب برجوازي حداثي كما يمكن أن يكون أي حزب برجوازي في بلد تابع. في إطاره الإيديولوجي الأفق الوحيد لحزب النهضة هو الدفاع عن الأشكال الرأسمالية والبيروقراطية للدولة الحديثة، وهو على طريقته يبقى حبيسا لطرق التفكير المهيمنة للحداثة الغربية (تكنولوجيا وعلوم، علاقة استغلالية بالطبيعة وتقديس للمؤسسات والسوق الحرة). على عكس ما يُرَوِّجُهُ اليسار والحركة الديمقراطية عادة لتبرير دعمهم لحزب رئيس الجمهورية الحالي، النهضة ليست حاملة لهوية معادية للديمقراطية كما ليس لها أي نزعة خاصة للاستبداد.
بكل بساطة كأي حزب مُؤَسِّسْ للدولة الحديثة، حزب النهضة ديمقراطي إذا فَرَضَ عليه ميزان القوى -بما في ذلك في بعده الأخلاقي–داخل الطبقات المهيمنة والمجتمع إجمالا ذلك وهو أقل ديمقراطية إذا لم تَسْمَحْ بذلك موازين القوى. هذه الملاحظات لا تكفي حتما لتوصيف النهضة ففي أكثر من أربعة عقو. رغم القمع نجح الحزب في كسب تأثير شعبي واسع وهذا لا يعود طبعا إلى انجذابه المتناقض للحداثة الرأسمالية.
تمكَّنَ حزب النهضة من تقويض هيمنة الثنائي المتمثل في الحزب الدستوري والاتحاد العام التونسي للشغل وذلك على عكس القوى السياسية الأخرى المعارضة للنظام القديم. هذا يعود على الأرجح للبعد الهَويّاتي للحزب المصنف عادة كالعودة لتقاليد أساءت إليها البورقيبية إلى جانب إرجاع هيبة العالم الإسلامي في مواجهة الهرمية الأرومركزية للثقافات والقوى المادية، وكذلك لخطابه الاجتماعي الموجه للطبقات الاجتماعية لا بالضرورة الأكثر فقرا بل الأكثر احتقارا نظرا للقيم "المتخلفة" التي تحملها، وهي المجموعات الشعبية المندمجة في الأشكال الرأسمالية المهمشة والتابعة والمهددة بالزوال.
في هذه القاعدة تكونت الطبقات المعارضة للترميم الجزئي للنظام القديم وفيها أيضا تشكلت تعبيرات الإسلام السياسي الأكثر راديكالية وطائفية. لنقلها بطريقة أخرى في هذه القاعدة تتشابك الإمكانات الثورية الديمقراطية وإمكانات الثورة المضادة. التصنيف الاجتماعي لأي حزب لا يمكن أن يكون إلا جزئيا. إن العديد من النزاعات المحلية في بعض الأحيان تساهم في جاذبية قوة سياسية معينة. كذلك المغالاة في إبراز القوة يمكن أن يستقطب طبقات اجتماعية مختلفة سيكون لها تأثير على مساره. هذا صحيح بالنسبة لحركة النهضة وخصوصا منذ انطلاق الثورة ووصولها للحكم وكذلك هو الحال أيضا لنداء تونس الذي يمثل مع اتحاد الشغل مركز ثقل الحلف المؤسس للدفاع عن الحداثة.
جبهة الحداثيّين
تتكون الجبهة الحداثية من
-حزب نداء تونس يقوم على أرضية الدفاع عن الحداثة المؤسساتية ومبادئ وطرق الحياة التي تأخذ الغرب المعاصر نموذجا. هو يتجذر دون شك داخل الدوائر البرجوازية والبرجوازية الصغرى شبه-المهيمنة داخل القطاع الثقافي والخدماتي وكذلك داخل بيروقراطية الدولة، بما في ذلك مؤسساتها القمعية، ويلتف حول هذه الدوائر مجموعات اجتماعية مختلفة نجحت في كسب نفوذ وامتيازات نتيجة تقاربها من مؤسسات النظام الدستوري التجمعي.
-الاتحاد العام التونسي للشغل وهو تعبير عن بيروقراطية شرائح الموظفين المندمجة خصوصا داخل القطاع العام وبطريقة تصاعدية داخل القطاعات الخدماتية الحديثة. يمارس اتحاد الشغل نفوذا يتجاوز محيط تأثيره المباشر.
من جهة أخرى نجد اليسار الذي يجد جماهيرية لا يستهان بها رغم محدوديتها داخل شرائح المثقفين والشباب العامل والعاطل عن العمل.
هذه الجبهة الحداثية الواسعة والمتنوعة طبقيا تبدو أكثر تجذرا من النهضة داخل المجموعات المدمجة إيجابيا داخل تطورات العلاقات الاجتماعية والدولة الرأسمالية وكذلك داخل البُنى الفوقية للحداثة الغربية المرتبطة بهما.
هذا التمفصل المحدد في التجمع الحداثي يمثل مصفوفة الهيمنة البورقبيية المتواصلة إلى اليوم باسم الأمير المثقف الأكبر لتونس المستقلة، الوحيد، إذا أقصينا قيادة النهضة راشد الغنوشي لنحيل مرة أخرى على الفئات التي يستعملها غرامشي.
منذ بداية الثورة تبدو النزاعات السياسية الأساسية (الطبقية والجندرية) مشوهة بموازين القوى القائمة بين الشرائح المثقفة.
أي أن هذه النزاعات ملتوية وخاضعة جزئيا للعلاقات المتضامنة والمتضاربة في آن واحد التي تنسجها الشرائح المثقفة فيما بينها ومع مختلف الطبقات الاجتماعية والتي تصاغ داخل المصفوفة الهرمية العرقية العالمية كما تنعكس محليا.
منذ بداية الثورة لعب المثقفون دورا هاما ومحددا انتهى باحتكار المجال السياسي وممارسة ضغط كبير على النضالات الاجتماعية للطبقات الشعبية التي انتهت بالتفكك داخل الضبابية، في حين اكتسبت شرائح المثقفين استقلالية هامة، خاصة بعد إقصاء الطبقات الشعبية من المجال السياسي وتعويض مطالبها برهانات وتناقضات هذه الطائفة. تتخفى مصالح ومشاغل مختلف قطاعات طائفة المثقفين وخصوصا تلك المرتبطة بالنظامية العرقية المتشابكة مع الفروق الاجتماعية المُهيكلة للمجال السياسي التونسي وراء النزاع الإسلامي الحداثي.
لقد مَثَّل الاندماج في الحداثة الغربية المعيار الأساسي للتمايز مع الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً في وسط وجنوب البلاد وأصليي هذه المناطق و البرجوازية الصغرى وقطاعات المثقفين المصنفين بالتقليديين وبما قبل-الحداثيين والمقرونين تعسفا بالإسلام السياسي. من هذا المنطلق الالتزام اليساري، النقابي والديمقراطي، في الدفاع عن الحداثة حتى بالتحالف مع شبكات النظام السابق يجد صداه في خوف الشرائح المثقفة داخلهم من التراجع عن المنظومة التمييزية وثانيا بالاعتقاد الراسخ بأن الحداثة البيضاء هي تعبير عن بل وشرط التطور الاجتماعي. لذلك فبالإضافة إلى مكائد المراكز الأساسية للإمبريالية وحلفائها المحليين مَثَّلَ استبطان الهرمية العرقية العالمية الآلية الأساسية لزحف الثورة المضادة.
[للاطلاع على المقال باللغة الإنجيليزية انقر/ي هنا]
[ترجمته عن الإنجيليزية: رانية مجدوب]
هوامش
* مصدر الرسمة
[1] الترويكا و هي التحالف الذي ضم حزب النهضة والمنتدى التونسي من أجل العمل و الحريات المنخرط في الأممية الاشتراكية و حزب المؤتمر من اجل الجمهورية الذي يجمع عديدي من الحساسيات السياسية حول شخصية المنصف المرزوقي
[2] أستعمل مصطلح ثورة دون تقديم توضيحات نظرية وهو يحيل على الاضطرابات التي شهدنها تونس من أيام الذروة الاحتجاجية التي أدت إلى رحيل بن علي و حل حزبه و انتخاب المجلس التأسيسي و اغلب التونسيين الدين عاشوا هذه المرحلة يسموها كذلك, لمزيد من التحليلات يمكن الإطلاع على نصي الصادر في نوفمبر 2011 تحت عنوان « Commentaire sur la révolution à l’occasion des éléctions » وهو الجزء الأول من ثلاث نصوص
[3] تمت الانتخابات الرئاسية في دورتين 23 نوفمبر و 21 ديسمبر 2014وقد تحصل المرشح الفائز على 55,68بالمئة من مجموع الأصوات مقابل 44,32بالمئة لصالح المنصف المرزوقي في حين لم يقدم حزب النهضة مترشح
[4] تمت الانتخابات التشريعية في 26 أكتوبر 2014و قد تحصل نداء تونس على أغلبية برلمانية 86مقعدا من حساب217في حين تحصل حزب النهضة على 69مقعد أما باقي المقاعد فتحصلت عليهم حساسيات سياسية مختلفة
[5] تحصلت الجبهة الشعبية على 15مقعد في البرلمان
[6]يمثل هذا دون شك بعدا مهما في النزاع القائم و لكن في الوقت الراهن لا أستطيع تقديم فرضيات شافية حول هذا الموضوع
[7] أحيل في هذا المجال إلي كتابي
« La contre révolution coloniale en France, De de Gaulle à Sarkozy » La Fabrique 2009 »
يمكن ان نقرأ كذلك
Félix Boggio Ewanjé-Epée, Stella Magliani-
Belkacem (coord.), Race et capitalisme, Syllepse, 2012 ; Cedric Robinson, Black Marxism: The
Making of the Black Radical Tradition, UNC Press, 2000 [1983] ; Theodor Allen, The Invention of the
White Race, Verso, 2012 (2e edition).
[8] البياض هنا لا يحيل على خاصية فردية إنما على علاقة هيمنة إجتماعية و هي شكل من أشكال الهيمنة الإمبريالية القيم المبادئ المصنفة كبيضاء ليست بيضاء في ذاتها بل هي كذلك في علاقة بمسار التحقير العنصري .أتحدث من جهتي على الحداثة ككل تاريخي تميز بالرأسمالية , الهيمنة الاستعمارية و المابعد إستعمارية ,الدولة الحديثة و المنظومة الأخلاقية المرتبطة بهم
[9] Antonio Gramsci,Guerre de mouvement et guerre de position, textes choisis et présentés par R.
Keucheyan, La Fabrique, 2012, p. 146.
[10] العلاقات المصنفة بالماقبل كلونيالية أو التقليدية تم تقليصها او ضمها داخل علاقات الهيمنة
[1] http://www.contretemps.eu/interventions
[2] http://www.contretemps.eu/interventions/contre-r%C3%A9volution-rampante
[3] http://www.tunisiainred.org/tir/?p=5411
[6] http://www.contretemps.eu/auteurs/sadri-khiari