صِقِلِّيَة وبداياتُ اللُّغةِ والشِّعر
من كتاب "تاريخ الأدب الإيطاليِّ" لِفرانتشِسْكو دي سانكتيس(1)
إنَّ أقدم وثيقةٍ أدبيَّةٍ تاريخيَّةٍ يُعتَقَدُ، في رأي كثيرين، بانتسابِها إلى أدبنا الإيطاليِّ هي أنشودةٌ أو أغنيةٌ لِتشولُّو [تصغيراً لاسم العلم ڤينتشِنْسولُّو] دالكامو(2)، فيما يعتقد كثيرون غيرُهم بأنَّها أغنيةٌ أخرى ألَّفها فولكاكييرو دا سْيِينا(3). أمَّا أيُّ واحدةٍ من الأغنيتين هي الأسبق، فذلك أمرٌ من الصِّبيانيِّ التَّنازعُ بشأنه، لأنَّهما ليستا في أيَّةِ حالٍ الأصلَ والمصدر، وإنَّما هما مجرَّدُ جزءٍ يسيرٍ من نتاجِ عصرٍ أدبيٍّ كان قد استُهِلَّ قبلهما بأمدٍ بعيدٍ، بالغاً أوجَ روعتِه في عهد فِدِريكو الثَّاني والذي منه أخذَ التَّسمية.
كان بِلاطُ فِدِريكو الثَّاني، امبراطورُ ألِمانيا وأميرُ صِقِلِّيَة الذي لقَّبه دانتي بِالعارِف العظيم لسعةِ ثقافته وعلمِه، مَحفِلاً لأهل المعرفة والأدب حيث تُقرأ العبارة التالية في قصره في باليرمو: "إنَّ خيرَ النَّاس العازفون والشُّعراء والمتحدِّثون البُلَغاء". لأجل ذلك، فإنَّ ناظمي القوافي في ذلك الزَّمن، ومع أنَّهم كانوا كُثْراً في الجزء الآخر من إيطاليا، كانوا يُلَقَّبون بالصِّقِلِّيِّين.
عمَّ تحكي أنشودة تشولُّو؟
إنَّها ضربٌ من مبارزةٍ شعريَّةٍ، أو هي بالأحرى حواريَّةٌ غنائيَّةٌ بين عاشقٍ وامرأةٍ من طبقة النُّبلاء، عاشقٍ يتوسَّلُ وامرأةٍ تُعرِضُ وتُمعِنُ في الإعراض، ثمَّ لا تلبث أن تُذعن في النِّهاية. موضوعٌ مألوفٌ ومتكرِّرٌ جدَّاً في الأغنيات الشَّعبية في كلِّ مكانٍ وزمان، وحتَّى في يومنا هذا فإنَّني أجدُه ما يزال ساطعَ الحضور في فلورنسا- في أغنية زير النِّساء وبائعة القبَّعات.
كلُّ سؤالٍ وجوابٍ تتمُّ صياغتهما في دورٍ غنائيٍّ [مقطعٍ] مؤلَّفٍ من ثمانيةِ أبياتٍ شعريَّة، ستَّةٌ منها سباعيَّة النَّظم(4)، ثلاثةٌ من هذه السِّتَّة مثلوثةُ الإيقاع(5)، وثلاثةٌ مُقفَّاةٌ، أمَّا البيتان الأخيران فيأتيان عُشاريَّي النَّظم(6) ومُقفَّيَين. غير أنَّ لغة هذا الشِّعر تبقى خشنةً وغيرَ مستقرَّةٍ من جهةِ النَّحو والاشتقاق، ممزوجةً بمفرداتٍ صِقلِّيَّةٍ، ونابُّوليتانيَّةٍ، وبرُوفِنْساليَّةٍ، وفرنسيَّةٍ، ولاتينيَّة. ونوردُ هنا مقطعَين على سبيل المثال:
عاشق
كثيراتٌ هنَّ النِّساءُ
العصيَّاتُ الطَّبع والمنال،
غير أنَّ الرَّجُلَ بتلفيقاتِه
ينالُ منهنَّ ما ينال:
لا يكفُّ حتَّى يُخضعهنَّ لسلطته
متربِّصاً بهنَّ اليمينَ والشِّمال.
يا امرأة، دعي عنكِ الصَّدَّ وتفكَّري،
تعقَّلي يا حلوتي قبل أن تتحسَّري(7).
امرأةٌ نبيلة
علامَ تظنُّني سأتحسَّرُ يا هذا؟
الموت أحبُّ عندي من غرامِك،
أو من أن تُرَذَّلَ امرأةٌ شريفةٌ
بذريعة أنِّي خُدِعتُ بعسيلِ كلامِك.
مررتَ مساءَ أمس بديارِنا
لاهثاً فانفضضنا عن مُقامِك.
ألا تخفَّفْ يا مهرِّجَ القصور والسَّاحات:
كلامُكَ لم يرُقني في مُجمَلِ الحالات.
هكذا، تُزدَرَدُ الأغنيةُ كلُّها في نفسٍ واحدٍ، مفعمةً بالعفويَّة والبَشاشة مع نزعةٍ دراماتيكيَّةٍ، سريعةً، وموحَّدةً، من غيرِ أثرٍ للتَّكلُّف أو البلاغة. ثمَّةَ خيطٌ فكريٌّ أنيقٌ ورقيقٌ يمكن لمسُه داخل بناءٍ ما يزال رماديَّاً وغير مكتملِ الصَّقل. لهذا السَّبب فإنَّ القيمة التَّأريخيَّة للوثيقة هي أنفس وأثمن من القيمة الأدبيَّة لمضمونها نفسِه، ذلك أنَّ قريحة الشَّاعر كانت حرَّةَ الشَّطط من جهة الفكرة والعاطفة وإضفاء السُّرعة والحيويَّة على الحوار، في حين تعرضُ لنا الوثيقة الشَّكل البنيويَّ الرَّاسخ لذلك الفنِّ والذي هو حتماً شكلٌ غير مخصوصٍ بشخصٍ، بل هو لوحةٌ أدبيَّةٌ أصليَّةٌ ومباشرةٌ عن تلك الحقبة.
وعند التَّأمُّل في شكل هذا الفنِّ، يمكن أن نستخلص بسهولةٍ الوجودَ الفعليَّ للُّغة الحديثة، ومع أنَّها ليست تامَّةَ التَّشكُّل والثَّبات بعد، فإنَّنا نرى أنَّ استخدامَها لم يقتصر على الكلام فحسب، بل تعدَّاه إلى الكتابة؛ وأنَّ مدرسةً شعريَّةً بزخمٍ كبيرٍ من العبارات والأفكار، ومن الأشكال الفنِّيَّة والعَروضيَّة، كانت قيدَ التَّأسُّس.
وحدَه من يعلم كم من الزَّمن تحتاجه لغةٌ جديدةٌ كي تكتسبَ شكلاً أدبيَّاً، وتجعله قابلاً لأن يُكتَبَ ويُغنَّى بها، يستطيع أن يدركَ أنَّ لغة تشولُّو التي ما تزال في طور التشكُّل لا بدَّ وأن تكون قد استُخدمتْ لعدَّةِ قرونٍ قبلَه.
ولسوفَ يلزمُ أيضاً قرنٌ آخر في أقلِّ تقديرٍ، لكي تصبحَ هذه المدرسة الشِّعريَّة ممكنةً تماماً، فتبلغ آخر أطوار تخلُّقِها حين تصير الأفكار والمشاعر راسخةً مع الشَّكل الفنِّيِّ كما لو أنَّها معجمٌ واحدٌ متجانسٌ في نفسِه.
أمَّا كيف ومتى بدأت اللغة اللاتينيَّة تتعرَّضُ لمثل هذا التَّحلُّل، وما هي اللغات المحليَّة التي كانت تُستخدَم من قِبَلِ الرُّعاع، وكيف ومتى تشكَّلت اللغات النيولاتينيَّة الجديدة والحديثة، ومتى وكيف تشكَّلت لغتنا العامِّيَّة، فهي أسئلةٌ يمكن أن نخمِّن الكثيرَ من المقاربات في شأنها، ولكن يبقى من غير الممكن لنا أن نجزمَ بها لعدم كفايةِ وكفاءةِ الوثائق. عدا عن ذلك، ليس هذا بالمكان المناسب لاختبار وتبيان مسائل فيلولوجيَّةٍ بدرجةٍ عاليةٍ من الاهتمام، لا سيَّما وأنَّها مادَّةٌ لم تنجح بعد بالتَّجرُّد من المناقشات العاطفيَّة والغامضة.
ولكن، يمكن الجزمُ ببعض الحقائق.
لقد كانت اللغة اللاتينيَّة مستخدمَةً على الدَّوام لدى الفئة المثقَّفة في البلاد، يتحدَّثها ويكتبُ بها المتعلِّمون، والأطبَّاء، والأساتذة، والطُّلَّاب. نذكِّرُ هنا بما قالَه مالِسبيني(8) بأنَّ فِدِريكو الثَّاني كان يُدركُ تماماً أنَّ: "لغتنا هي اللاتينيَّة والعامِّيَّة".
كانت لدينا، إذن، لغتان هما اللاتينيَّة والعامِّيَّة؛ فإلى جانب اللاتينيَّة وُجِدتْ العامِّيَّة ليُتحدَّثَ بها في الحياة اليوميَّة، وإلى جانب ذلك نرى في العقود والوثائق المكتوبة باللاتينيَّة أنَّها تتضمَّن ترجمةً لمفرداتٍ عامِّيَّة، وأنَّ اللفظة اللاتينيَّة تجاورُ اللفظة التي يستخدمها الرُّعاع دونما حَرَجٍ.
هذه اللغة العامِّيَّة لم تكن راسخةً مثلما هي اللاتينيَّة، بل كانت في تحوُّلٍ وتبدُّلٍ حتَّمَتْهما اللهجةُ العامَّةُ المسمَّاة في وقتها بــ [الرُّومانيَّة الخشنة]. في عام 812م أوصى المجمع البابويُّ في تورسي القساوسةَ بالإعداد لخطبةٍ وعظيَّةٍ تُلقى باللغة الرُّومانيَّة الخشنة. هذه اللغة الرُّومانيَّة، يقول إراسموس(9)، كانت معروفةً لدى العامَّة من إسبانيِّين، وأفارقة، وغاليِّين، وسواهم من شعوب الأصقاع الرُّومانيَّة، إلى درجة أنَّ صنَّاع الحِرَف التَّقليديَّة المتأخِّرين كانوا يفهمون المتحدِّث بها، "فكان على الخُطباء اللجوء إليها إذا ما أرادوا التقرُّب من نسق الرُّعاع". لقد كان العامَّة، إذن، يتكلَّمون لغةً أشبه ما تكون بالرُّومانيَّة، ولعلَّ عامِّيَّتنا نحن كانت أكثر شبهاً بها من لغاتهم العامِّيَّة، بل لعلَّها كانت الرُّومانيَّة بعينِها، وذلك لما فيها مِن وحدةٍ في الجوهر، وتنوُّعٍ في اللهجات، نجده حتَّى بالنَّظر إلى أجزائها العَرَضيَّة، مثل التَّصريفات، وطرق وضع العلامة النُّطقيَّة الدَّالَّة على نبر اللَّفظ، والبادئات واللواحق، وغيرها. كان ثمَّة، إذن، أنموذجٌ فذٌّ يتجسَّد في جميع اللغات النيولاتينيَّة الحديثة، ولعلَّه كان أكثر تجسُّداً، كما لاحظَ لايبنتز(10)، في اللغةِ الإيطاليقيَّة(11) منه في سواها.
مع انحدار الثَّقافة تُهيمنُ اللهجات. هذا حتَّمَ على الكنائس والمدارس، عند الاتِّصال بالشَّعب، ضرورةَ استخدام لغةٍ لاتينيَّةٍ بربريَّة، شديدة الشَّبه بلغة العامَّة. في الحياة العامَّة، لم تكن العامِّيَّة لغةً محكيَّةً في مكانٍ دون الآخَر، بل كانت لغةَ كلِّ مكان، كأنموذجٍ فريدٍ تُصاغُ على أساسِه جميع اللهجات، وتتثبَّتُ حولَه في عائلةٍ واحدة.
هذا الأنموذج أو المِثال المفرَد للهجاتنا إنَّما يتجلَّى في التَّشابه بين المفردات والصِّيَغ النَّحويَّة، وفي ابتكار البدائل الموسيقيَّة والتَّحليليَّة التي تحلُّ محلَّ العَروض والصِّيَغ التَّركيبيَّة لِلُّغةِ اللاتينيَّة. العامِّيَّة هي التَّسمية المُبهَمة لِلُّغة الجديدة، كوسمٍ فارقٍ لها عن اللاتينيَّة. على هذا المِنوال يقول مالِسبيني: "لغتنا هي اللاتينيَّة والعامِّيَّة"، ويقصد بذلك اللغةَ الجديدةَ المنطوقةَ في جميع أصقاع إيطاليا من قبل العامَّة كلٌّ عِبرَ لهجتِه.
أمَّا مع يقظةِ الثَّقافة، فحتَّى وإن بقيت بعض اللهجات فظَّةً وبربريَّةً، مثلما هم متحدِّثوها، فإنَّ لهجاتٍ أخرى نجدها تتنقَّى وتنصقل مع نُزوعٍ واضحٍ إلى الانعتاق من العناصر المحلِّيَّة والدَّهمائيَّة، والتَّوشُّحِ بلونٍ وسيماء مدنيَّين، لأجل الوصول إلى ذلك الأنموذج المشترك بين كثيرٍ من الأقاليم المختلفة، والذي ما كان له أن يفسُدَ أبداً، طالما أنَّه يمثِّلُ المِعيار الذي تُقاسُ عليه اللهجات المتطابقة بشكلٍ أو بآخر مع ذلك القالَب المسمَّى بالعامِّيَّة، التي هي على هذه الدَّرجة من الصِّلة بالرُّومانيَّة الخشنة.
إنَّه لَمِن اختصاصِ الثَّقافة بعثُ أفكارٍ جديدةٍ وإثارةُ حاجاتٍ أقلَّ مادِّيَّةً، إضافةً إلى تأسيس طبقةٍ من المواطنين تكون أكثر علماً وتمدُّناً، ثمَّ فتح الآفاق بينها وبين الثَّقافات الأجنبيَّة، والتَّزلُّف للغاتِها ونشرِها، ممَّا يطوِّرُ في النِّهاية ما هو مُشترَكٌ بينها، لا ما هو محلِّيٌّ.
لقد أنتجَتِ الثَّقافة الإيطاليَّة هذه الظَّاهرةَ المضاعَفة: ترميم اللاتينيَّة وتشكيل العامِّيَّة. من جهةٍ، كانت الطبقات الأكثر تمدُّناً تسعى جهدَها للكتابةِ بلاتينيَّةٍ أقلَّ أخطاءً وعيوباً، ومن الجهة الأخرى للتَّعبير عن المشاعر الأكثر حميميَّةً وإلفةً للحياة العصريَّة، تاركين للغوغاء المُمتَهنين لهجاتِهم الفطريَّة، وباحثين عن صيغٍ كلاميَّةٍ أكثر أناقةً ولُطفاً تشكِّلُ لهم لغةً مشترَكةً كلَّما طالعتهم لهجةٌ هنا ولهجةٌ هناك، إذ يُستشَفُّ من هذا وجود سعيٍ لديهم للابتعاد عن العامَّة والاستحواذ لأنفسِهم على ذلك النَّمط الذي يطبع الفئات المثقَّفة والذي يُستحسَن بهم إقصاؤه عن فئة الرُّعاع.
لغةٌ مشتركةٌ كهذه سيُتاحُ لها أن تتشكَّل بسهولةٍ أكبر إذا ما قُيِّضَ لها النُّشوء في وسطٍ ثقافيٍّ يجتذبُ الفئات المثقَّفة ويكون كمثلِ مُلتقىً للشَّخصيَّات الأكثر بروزاً وتألُّقاً؛ وهذا ما كان في باليرمو، في بلاط فِدِريكو الثَّاني، حيث تجمَّع الصِّقِلِّيُّون، والبُولِيُّون(12)، والتُّوسكانيُّون، والرُّومانيُّون(13)، أو بكلمةٍ أخرى: "حيثُ حجَّ إليه نخبةُ النَّاس من كلِّ الأصقاع".
في ذلك الوقت، كانت اللهجة الصِّقِلِّيَّة فوق جميع اللهجات، كما يُقرُّ دانتي. وها هنا في صِقِلِّيَة، نجدُ، على وجه الدِّقَّة، عامِّيَّةً مُغنَّاةً ومكتوبةً، قد تجاوزت كونَها لهجةً صِقِلِّيَّةً فحسب، كما وأنَّها ليست بلغةٍ إيطاليَّةٍ بعد، وإنَّما هي، بغضِّ النَّظر عمَّا علق بها من عناصر محلِّيَّة، اللسان المشترَك بين جميع ناظمي القوافي الإيطاليِّين، والذي ينزع أكثر فأكثر نحو الخلاص من خُصوصيَّة اللهجة، ونحو أن يصبحَ اللغةَ الحقيقيَّة للإنسان المتمدِّن.
كانت صِقِلِّيَة آنذاك قد حازت حقبتين ثقافيَّتين، العربيَّة والنُّورمانديَّة. العالمُ الشَّرقيُّ السَّاحر والشَّهوانيُّ اخترقَها مع العرب، واخترقَها العالم الجُرمانيُّ الفُروسيُّ مع النُّورمانيِّين، حيث كانت هذه الحصَّةُ الرَّائعة من نصيبهم زمنَ الحروب الصَّليبيَّة. آنذاك، في هذا المكان وأكثر ممَّا في أيِّ مكانٍ آخر في إيطاليا، كانت بالغةَ التَّوقُّدِ الانفعالاتُ العاطفيَّة والذِّكرياتُ والمشاعر التي دمغتْ بمجملِها حقبةً عظيمةً امتدَّت من غودفري(14) إلى صلاح الدِّين؛ فأغنيات التروبادور(15)، والحكايا الشَّرقيَّة، والطَّاولة المستديرة(16)، هذا الاحتكاك المباشر بين شعوبٍ هي على قدرٍ كبيرٍ من اختلاف الحياة والثَّقافة، كان أمراً هزَّ المخيِّلة وحرَّكَ الحياة الفكريَّة والأخلاقيَّة. لقد غدت صِقِلِّيَة، إذن، مركز الثَّقافة الإيطاليَّة؛ ومنذ عام 1166م كان بلاطُ النُّورمانيِّ غوليلمو الثَّاني(17) محفِلاً لشعراء التروبادور الطِّليان، وتحت حكم فِدِريكو الثَّاني كان لدولة الثَّقافة الإيطاليَّة عاصمتُها، وكانت هذه في باليرمو. في ذلك الوقت، كانت الأحداث التَّاريخيَّة والمواثيق والمعاهدات تدوَّنُ بلغةٍ لاتينيَّةٍ أقلَّ اخشيشاناً، إن لم نقل متأنِّقةً وطموحة، مثلما نرى في لغة فالكاندو(18). لقد كان للمشاعر والأفكار الجديدة طرائق تعبيرها الخاصَّة في تلك اللغة الرُّومانيَّة غير المصقولة التي مثَّلَت القاعَ المشترَكَ لجميع اللهجات وأصبحتْ لسانَ كلِّ المثقَّفين؛ إنَّها "العامِّيَّة"، أكثرُ العامِّيَّاتِ الحديثةِ تشبُّهاً باللاتينيَّة.
إنَّ اللغة في أنشودة تشولُّو ليست عبارةً عن لهجةٍ صِقِلِّيَّةٍ، بل هي اللغة العامِّيَّة كما كانت تُستَخدَمُ في جميع أغاني التروبادور الإيطاليَّة، والتي بقيت حتَّى ذلك الوقت بربريَّةً وقلِقةً وممزوجةً بعناصر محلِّيَّة، ما كان يُبقيها ضبابيَّةً ومتشكِّكة.
إنَّنا نجد هنا شكلاً شعريَّاً في غاية التَّكلُّف والموسيقيَّة، مع تلاعبٍ مقصودٍ بالقوافي، وغنىً كبيرٍ وعفويَّةٍ بالغةٍ في الشَّكل والمضمون؛ وبلوغُ هذا الأمر كان قد تطلَّب زمناً طويلاً من العمل والإتقان. تشولُّو هو الصَّدى الدَّهمائيُّ لتلك الحياة الجديدة التي كانت تستيقظُ في أوروبَّا زمنَ الحملاتِ الصَّليبيَّة، والتي تردَّد صوتُها حتَّى في إيطاليا، وبأقصى ما يكون في صِقِلِّيَة النُّورمانديَّة. أحدُ أصوات تلك الحياة، صوتٌ ما يزالُ بسيطاً ومباشراً، لكن أكثر نُبلاً وأقلَّ محلِّيَّةً، نجدهُ في القصَّة الشِّعريَّة المنسوبة إلى أمير القدس وفي "نُواحِ عاشقةِ الجنديِّ الصَّليبيِّ" لرينالدو داكوينو(19). ثمَّةَ عواطف لطيفةٌ ومُحِبَّةٌ مُعبَّرٌ عنها هنا بلغةٍ صافيةٍ ذات خَتْمٍ إيطاليٍّ صرفٍ، وذلك ببساطةٍ وأسلوبٍ صادقٍ ذو إيقاعٍ حُلوٍ ومستعذَب؛ فهذه سوناتةٌ، كما تسمِّيها العاشقة، لا يعوزها إلَّا أن تُغنَّى وتكونَ مؤازَرةً بأدواتٍ موسيقيَّة لكي تصنعَ أقوى الانطباعات. وهذا مطلعُها:
هيهات هيهات يهجرُني الأسى
وأنَّى لي فرحٌ يمحو المآسي.
ها أنَّ السُّفُنَ هناكَ في المرسى
تطلبُ بعزمٍ رفعَ المراسي.
ألا إرحلْ يا أغلى أحلامي
وراءَ البحارِ ودعني أقاسي.
دعني في حزني وآلامي!
بِمَ أعلِّل النَّفسَ وأُمَنِّي؟
إرحلْ حيثُ تحملكَ السَّفينة
ولتقطعِ الأخبارَ عنِّي:
خَلِّنِي هنا البِكرَ الحزينة.
آهِ ما أكثرَ الآهاتِ منِّي
إذ تُغير عليَّ بحربها الشَّعواءِ
ليلاً وتكويني الظُّنونُ؛
فلا أنا حيَّةٌ في السَّماءِ
ولا في الأرضِ أحسبُني أكونُ.
أمَّا القسم التَّالي من الأغنية فهو مزيجٌ رقيقٌ وعفويٌّ من الابتهال والملامة، فهي تارةً تستوصي اللهَ خيراً بالمعشوق، وتارةً أخرى تعاتبُ الصَّليب:
الصَّليبُ مصدرُ آلامي،
والله لا يجيبُ صلاتي.
أوَّاهِ أيُّها الصَّليبُ الجوَّابْ،
لماذا أهلكتني - قلْ لي؟
تركتني ليدِ العذاب!
أضطرمُ وأحترقُ كلِّي.
وهذا ختامُها:
آهِ أرجوكِ يا شجرةَ العِنَبْ،
وقد عرفتِ آلامي الخفيَّة،
اصنعي لي سوناتةً فحسبْ
وأرسليها إلى سوريَّا:
أنَّ بي ألماً لا يبرحُ في النَّهارِ
ولا في المساءاتِ:
وأنَّ في أرضٍ وراءَ البحارِ
ثمَّةَ حبِّي وحياتي.
المخطوطة غير سليمةٍ بالكامل؛ ومع ذلك، جليٌّ لنا أنَّنا أمام لغةٍ إيطاليَّةٍ متطوِّرةٍ من جهةِ عناصرها الموسيقيَّة وخُطوطها الأساسيَّة.
فالعاشق الذي يبتهلُ ويتوسَّلُ الحبَّ، والعاشقةُ التي تشكو نأيَ المعشوق، أو تخافُ أن تُهجَر، ولسعاتُ الحبِّ ونعيمه، تشكِّلُ الثيماتِ البسيطةَ للأغاني الشَّعبيَّة، وأوَّلَ فيضِ القلب الجائش بالحبِّ. إنَّ هذه القصائد، باعتبارها الأكثر بساطةً وعفويَّةً، هي في ذات الوقت الأكثر دفئاً وصدقاً. إنَّها أُولى انطباعات الحبِّ، مفعمةٌ بمشاعر فتيَّةٍ وطريَّةٍ، رقيقةٌ في ذاتِها، لم يعكِّرْها تحليلٌ بعدُ ولا تحسين.
في هذا السِّياق تندرجُ كذلك أغنية "عِتاب الحبيب على الرَّحيل" كما جاء بلسان الحبيبة، لِـ "رُوْدْجِرونِه دا باليرمو"(20)، وكذلك أغنية أودو دِلِّه كولونِّه(21)، من مدينة مِسِّينا، حيثُ تُهرقُ العاشقةُ في عتابٍ عذبٍ دموعَ الألمِ والغِيرة. وهذا مطلعها:
آهِ دعوني أنا المُغرَمة،
أروي لكم عن حياتي وأحزاني،
وأشرح بكلِّ كلمةٍ مُلهَمة
كيف نادى عليَّ الحبُّ ودعاني،
أنا الطُّهْرُ من كلِّ مأثَمة
قوصِصتُ بغمٍّ حلَّ بي وطواني،
وذنبي أنِّي أحببتُه يوما،
بلا إرادةٍ منِّي ولا سلطانْ
سلبني هواهُ العرشَ والحُكمَ؛
وقد كنتُ مليكةَ الأزمانْ.
اليومَ يمزِّقُ كبرياءَه ألما
قلبي الذي يتمزَّقُ ويُهانْ.
آه دعوني أنوحُ وأرثو
حبَّاً عصفَ بكلِّ أنحائي!
دعوني أبوحُ وأشكو
عمَّن غزا قلبي بدونِ عناءِ!
وكمثل طفلٍ حلوٍ يلهو
عبثَ بقلبي وسرق هنائي،
تركني أكابدُ الألمَ وحيدة
وسط نارِ الحزنِ والبؤسِ:
فلعمري لن أُكون قطُّ سعيدة،
إلَّا ساعةَ يُشَقُّ لي رمسي،
ألا ليت منيَّتي ليست بعيدة،
فأُقلَعُ من هذا قلعَةَ الضُّرسِ.
ولأعلنْ الآنَ بملء فمي
أمراً طالما حرصتُ ألَّا يُقالْ:
- حبُّكَ الذي يجري في دمي،
حمَّلَني ما لا تُطيقُ الجِبالْ،
ففكَّ قيدَكَ عن معصمي
وحرِّرني من حبِّكَ القتَّالْ.
هي محضُ مشاعر ابتدائيَّةٍ ومندفعة، تتكشَّفُ كلُّها في كتلةٍ فطريَّةٍ واحدةٍ خاويةٍ من الصُّور والأفكار. والواقع أنَّه ما من شاعرٍ واحدٍ في ذلك الزَّمن، حتَّى بين أولئك الأقلِّ فطريَّةً، إلَّا وتجد عنده أمثلةً على هذه الصِّيغة البدائيَّة التي تتحدَّث بصوت الفِطرة، كما يقول شاعرٌ مشهور، والتي لا تعدو كونها انطباعاً أوَّلاً فوريَّاً مفعماً بالصِّدق. على أنَّ لغةَ هذا الشِّعر كانت تخرجُ مفعمةً بالحياة والتَّميُّز وبالموسيقى، وكأنَّها خزَّانٌ دائمٌ لِطراوةٍ أبديَّة، حتَّى لَيمكن أن تقول عنها إنَّها "مولودةٌ توَّاً"، وبهذا فهي تناقضُ المكوِّنات الأخرى الخشنة لهذا الشِّعر. بمثل هذه الخشونة تطالعُنا أغنيةٌ لإنْتزو الأمير(22)؛ بيد أنَّ من يمتلك الصَّبر على قراءتها، يجد بين سطورها هذه الجوهرة:
لا أستريحُ يوماً واحداً،
كمثل الموجةِ في البحرِ:
أيُّها القلب، لم لا تنفصل عنِّي؟
اخرُج من ألمي، من صدري:
لَأَحَبُّ إليَّ ساعةُ موتٍ واحدة
من أن أشقى كلَّ ساعة.
أكثر خشونةً ووعورةً منها أغنيةٌ لِفولكو دي كالابْريا(23)، وهو شاعرٌ قديمٌ؛ ولكنَّك في النِّهاية ستجد عنده العاطفة ذاتَها وإن كانت مصوغةً بأسلوبٍ أقلَّ إتقاناً، غير أنَّ هذا لا يجرِّدها من بساطتها وصدقِها:
إنَّه لحريٌّ بي
أن أموت دفعةً واحدة
من أن أقضي عمري
أذوب رويداً رويدا
كمثل رجلٍ ضعيفٍ واهن.
أمَّا في أغنية فولكاكييرو دا سْيينا، الباردة والمجهَدة، فقد نحظى هنا وهناك ببعض النِّعَمِ الشِّعريَّة المغلَّفة ببراءةٍ خالصةٍ وسط المشاعر التي تنبثق بكلِّ فجاجةٍ وبدائيَّة. أصغوا إلى هذه الأبيات:
لكأنِّي سئمت صحبةَ النَّاس:
فكلُّ واحدٍ في عيني غريب:
والزُّهور لا تبدو لناظريَّ
كما اعتدتُ دوماً أن تكون،
والطُّيور تنشدُ في مسمعيَّ
كلَّ فجرٍ- نشيدَ حبٍّ حنون.
فأعراض الحبِّ هذه هي أمرٌ جديدٌ عليه، فهي تملؤه بالدَّهشة وتثير مشاعره وهمومه، دون أن يجد ضرورةً لتجميلها أو زخرفتها. إنَّه يرويها فحسب، لا يُشَعْرِنُها، ولا يصوِّرُها. مع هذا فهي لا تصل حدَّ الحكاية، بل تبقى مجرَّد أخبارٍ عن أحوال قلبِه.
* * *
الحواشي (كما وضعها المترجِم):
1- Francesco de Sanctis (1817-1883)، كان كاتباً وناقداً أدبيَّاً وسياسيَّاً وفيلسوفاً إيطاليَّاً، من أعماله على سبيل الذِّكر: "مقالاتٌ نقديَّةٌ" (1849)؛ "تاريخُ الأدب الإيطاليِّ" (1870)؛ "رحلةٌ انتخابيَّةٌ" (1876)؛ و"دراسةٌ عن إميليو زولا" (1885).
2- Ciullo d’Alcamo، تاريخا ولادته وموته غير معروفَين على وجه الدِّقة، إلَّا أنَّه يُعتبر من أبرز وجوه القصيدة الشَّعبيَّة السَّاخرة في المدرسة الشِّعريَّة الصِّقِلِّيَّة.
3- Folcacchiero da Siena (1247 تقريباً- 1277 تقريباً)، شاعرٌ إيطاليٌّ بقي من آثاره نصٌّ واحدٌ بعنوان: "عالمٌ بلا حروب". أرسلته بلديَّة سيينا في عام 1251م كسفيرٍ إلى الكونت ألدوبراندين.
4- المقصودُ بمصطلح سباعيِّ النَّظم هو أنَّ النَّبر الإيقاعيَّ الأخيرَ في البيت الشِّعريِّ يتمُّ إسقاطُه عند سادس تقطيعٍ لفظيٍّ منه.
5- أي إسقاط النَّبر الإيقاعيِّ عند ثالث تقطيعٍ لفظيٍّ.
6- أي إسقاط النَّبر الإيقاعيِّ الأخير عند عاشر تقطيعٍ لفظيٍّ فيما تكون بقيَّة النَّبرات الإيقاعيَّة غير ثابتة ضمن حدودٍ معلومة.
7- حاولتُ قدر الإمكان عبر الوزن والتَّقفية تقريب فنِّ النَّظم في الشِّعر الصِّقَلِّيِّ الغنائيِّ إلى إدراك القارئ العربيِّ مع قليلٍ من التَّصرُّف اقتضته الضَّرورة.
8- Celio Malespini (1531- 1609م)، كاتبٌ وأديبٌ إيطاليٌّ عُرفَ بطباعته للنُّسخة الأولى النَّاقصة وغير المنقَّحة من كتاب "أورشليم حرَّة" لتوركواتو تاسُّو في عام 1580م، وبكونِه مؤلِّف كتاب "مئتا رواية" بأسلوبٍ بوكاتشيٍّ [نسبةً إلى الشَّاعر بوكاتشيو].
9- Desiderius Erasmus Roterodamus (1466/1469- 1536م)، فيلسوفٌ هولنديٌّ من روَّاد الحركة الإنسانيَّة في أوروبا، ومن الخدمات التي أسداها للتعليم علاوةً على نشره الكتب التربويَّة اتَّصاله المباشر بالطَّلَبة والمراسلات الشَّخصيَّة وقد تناول في مؤلَّفاته معظم مظاهر التَّربية وقضاياها الهامَّة مثل الطَّريقة والمحتوى وآداب الطُّفولة وتعليم اللغة. كان يكتب باللغة اللاتينيَّة. تمتَّع إراسموس بشخصيَّة مستقلَّة كما عُرف عنه طبعُه السَّاخر في كتابه "مديح الحُمق"، قام بالتَّعليق على نصوص العهد الجديد، وحاول أن يضع مبادئ الحركة الإنسانيَّة حسب التَّوجُّهات المسيحيَّة، كما أراد أن يقرِّب بين أتباع المذهب الكاثوليكي وأتباع الحركات الإصلاحيَّة الجديدة.
10- Gottfried Wilhelm Leibniz (1646- 1716م)، فيلسوف ورياضي وعالم طبيعة ودبلوماسي ومحامي ألماني، يُعتبر مع نيوتن أحد مؤسِّسي علم التَّفاضل والتَّكامل، كما طوَّر المفهوم الحديث لمبدأ انحفاظ الطَّاقة.
11- نسبةً إلى إيطاليا القديمة.
12- نسبةً إلى مقاطعة بوليا في إيطاليا.
13- نسبةً إلى مقاطعة رومانيا في إيطاليا.
14- Goffredo di Buglione (1060- 1100م)، حاكم مدينة بوليون الواقعة جنوب لوكسمبورغ منذ 1076م، أصبح بعدها دوقاً على اللورين في 1087م. اشترك بالحملة الصَّليبيَّة الأولى كما شارك في حصار القدس في 1099م، وأصبح أوَّل ملك على مملكة بيت المقدس على الرَّغم من عدم اتِّخاذه لقب ملك مكتفياً بلقب حامي القبر المقدَّس، توفِّي عام 1100م وخلفه أخوه بلدوين الأوَّل.
15- التروبادور هي التَّسمية التي كانت تُطلق على شعراء أوروبا الغنائيِّين في القرون الوسطى.
16- هي طاولة قصر كاميلوت التي جلس إليها الفرسان مع الملك آرثر للنِّقاش حول مسائل جوهريَّة تتعلَّق بالمملكة، وأصبحت هذه الطَّاولة منذ ذلك الوقت تعبيراً عن التَّساوي بين المجتمعِين إليها، حيث لكلِّ واحدٍ من الجُلَّاس موقعه المميَّز بالتَّساوي مع الآخرين، فلا رائسٌ ولا مرؤوس.
17- Guglielmo II di Sicilia (1153- 1189م)، كان أميراً على صِقِلِّيَة بين عامَي 1166- 1189م، وقد حظي بمحبَّةٍ كبيرةٍ من شَعبه.
18- Ugo Falcando من كتَّاب الأحداث التَّاريخيَّة في النِّصف الثَّاني من القرن الثَّاني عشر. يُعدُّ مجهول الهويَّة، فيما يرجِّحُ كثيرون أنَّه من أصولٍ أتت من وراء جبال الألب، وقد يكون نورمانديَّاً. كان مُستشاراً عند غوليلمو الثَّاني أمير صِقِلِّيَة.
19- Rinaldo d’Aquino (1227/28- 1279/81م)، شاعر إيطالي ينتمي إلى مدرسة فِدِريكو الثَّاني الصِّقِلِّيَّة، بقي من آثاره سوناتةٌ واحدة واثنتا عشرة أغنية. امتدحَ دانتي بلاغتَه وحسنَ بيانِه.
20- Ruggerone da Palermo من ممثِّلي المدرسة الشِّعريَّة الصِّقِلِّية التي ازدهرت في بلاط فِدِريكو الثَّاني بباليرمو. لم يرِد عن أخبارِه إلَّا النَّزر القليل تُنسَب إليه أغنيتان ترد إحداهما في "ديوان الشِّعر الغنائيِّ للفاتيكان"، والأخرى في "ديوان الشِّعر الغنائيِّ لسان لورِنزو".
21- Odo delle Colonne أيضاً من ممثِّلي المدرسة الشِّعريَّة الصِّقِلِّية، من غير المعروف تاريخ ميلاده ووفاته على وجه الدِّقَّة. بقي من آثاره أغنيتان، إحداهما المذكورة هنا، والأخرى بعنوان "قلبٌ عاشقٌ مُحطَّم".
22- Enzo re أو Enzo di Sardegna (1220- 1272م)، هو ابن فِدِريكو الثَّاني، تُنسَب إليه أربعة مؤلَّفاتٍ (أغنيتان، سوناتةٌ واحدة، ومقطعٌ من أغنية).
23- Folco di Calabria يذكر أنتونيو بيرومالِّي وكارمينِه كيودو في كتابهما أنطولوجيا الأدب الكالابري عن فولكو أنَّ أصله ومسقط رأسه مجهولان ففي حين يرى البعض أنَّه كان ينتمي إلى إحدى العائلات الكبيرة في مملكة نابُّولي، يرى دافيد أندريوتِّي أنَّه كان قسَّاً من مقاطعة كوزِنتسا كرَّمه فِدِريكو الثَّاني، ويرجِّح البعض أنَّ موته كان في عام 1276م.
[ترجمها عن الإيطاليَّة: أمارجي]