منذ مساء الأحد، انتشر في المواقع الإلكترونية خبر استدعاء الملك رئيس الوزراء، هاني الملقي ليطلب منه تقديم استقالته، الأمر الذي تمّ فعلًا ظهر الاثنين. مواقع التواصل الاجتماعي، كانت، حتى قبل إعلان استقالة الملقي، قد بدأت بتداول اسم وزير التربية والتعليم، الدكتور عمر الرزاز، بوصفه رئيس الوزراء الجديد. وأعلنت وسائل إعلام مختلفة تعيينه خلفًا للملقي ظهر الاثنين. لكن صحيفة الرأي نفت الخبر فجر الثلاثاء.
ظهر يوم الإثنين، عُقد مؤتمر صحفي مشترك لمدير الأمن العام، وللمدير العام لقوّات الدرك، تحدّث فيه الاثنان عن الاحتجاجات التي شهدتها المملكة خلال الأيّام الماضية، وفي المؤتمر، وهو الأول بعد أربعة أيام من المظاهرات المتواصلة، قُدّم حصادٌ لأربعة أيام من الاحتجاج في مختلف محافظات المملكة، ذكر فيه أن عدد فعاليات الاحتجاج في الليلة الأولى (31 أيار) كان 45، شارك فيها 2500 مواطن، وفي الليلة الثانية 171 فعالية، شارك فيها 18 ألف و500، وفي الليلة الثالثة 125 فعالية، شارك فيها 14 ألف و500، وأخيرًا، أقيمت 175 فعالية احتجاج في الليلة الرابعة، شارك فيها 14 ألف و500 مواطن.
وأكد مديرا الجهازيْن طوال المؤتمر الصحفي على أن الجهازين التزما أعلى درجات ضبط النفس في التعامل مع المحتجين، وذلك لضمان عدم إصابة أي منهم. في المقابل، تحدّثا عن حصول أعمال شغب وتخريب، واعتداء على ممتلكات خاصة وعامة، وإغلاق لطرق حيوية. كما تحدّثا عن اعتداءات على رجال الأجهزة الأمنية. وكانت حصيلة ذلك، بحسبهما، إصابة 42 رجل أمن، بعض منها بعيارات نارية، وألعاب نارية. أما المواطنون، فقد سجلت، كما قالا، حالة واحدة لسيدة «ادّعت» ضربها من قبل الأجهزة الأمنية، وقضيتها قيد التحقيق من قبل مدعي عام الشرطة. أما بقية الإصابات بين المواطنين، فهي حالات إغماء وإعياء نتيجة التدافع. كما كشف المؤتمر عن اعتقال 60 شخصًا، من مختلف محافظات المملكة، من بينهم 8 من «جنسية عربية»، رفض المديران في المؤتمر تحديدها.
ومنذ فجر الأحد كان ناشطون في المظاهرات القائمة على الدوار الرابع قد أعلنوا اعتقال عددٍ منهم، ليتضح خلال الساعات التالية أنهم أربعة، ونشرت أسماؤهم. ورغم أن المحكمة أمرت بالإفراج عنهم، إلّا أن محافظ العاصمة أمر باحتجازهم. وهم موقوفون الآن في سجن ماركا في عمّان، بحسب نشطاء.
استمرار الاحتجاجات رغم الاستقالة
رغم أن إقالة حكومة هاني الملقي كانت أحد المطالب التي هتف لها المتظاهرون في الشارع، إلا أن تلبية هذا المطلب لم تضع حدًا للاحتجاجات، إذ أعلن رئيس مجلس النقباء الدكتور علي العبوس أن إضراب الأربعاء القادم، الذي كانت النقابات المهنية قد أعلنت عنه، ما زال قائمًا حتى مع تغيير الحكومة، ذلك أن إلغاء الإضراب مرتبط منذ البداية، بسحب مشروع قانون الضريبة، بحسب قوله.
كما استمرّت، لليوم الخامس على التوالي، المظاهرات التي تنطلق في مدن ومحافظات المملكة بعد صلاة التراويح.
في عمان، انطلقت مساء الإثنين مسيرتان باتجاه الدوار الرابع. الأولى من دوّار الشميساني. والثانية من الجهة المقابلة، قادمة من الدوّار الخامس. المسيرتان كانتا تسعيان للوصول إلى الدوار الرابع، الذي أصبح ممنوعًا على المحتجين، منذ أربعة أيام، بقرار من محافظ العاصمة.
وفي وقت الذي كانت تُتداول فيه أنباء عن تعيين الرزاز خليفة للملقي، هتف المتظاهرون الذين اعتصموا في محيط «الرابع»، بضرورة تغيير النهج، وذلك في إشارة إلى أن إسقاط حكومة الملقي ليس كافيًا.
وكان من بين الهتافات «هاني الملقي شو أخبارك؟ شعب الأردن حطك بدارك»، و«اسمع اسمع يا رزاز، ما بدنا الذنب الهزّاز». وحمل فيه المتظاهرون يافطات تطالب بإعادة الدعم على الخبز، وتخفيض أسعار المحروقات.
في الوقت نفسه، انطلقت في عمّان مسيرة أخرى من حي الطفايلة إلى وسط البلد. وحمّل المتظاهرون، في هتافاتهم، الملك عبد الله، مسؤولية ما آلت الأوضاع المعيشية الأخيرة إليه. وهتفوا خلال المسيرة، التي توقفت عند الجامع الحسيني «يا عبدالله افهم الدرس؛ الله والشعب وبس»، و«سمّعلي ساكن دابوق، فليسقط حكم الصندوق [النقد الدولي]».
كما نفّذ العديد من أبناء مدينة سحاب وقفة احتجاجية على دوار الشهيد في المدينة، أكّدوا فيها على ضرورة تغيير نهج الحكومات، لا تغيير الأسماء بحسب هتافاتهم، ومنها: «مش مهم الملقي راح، بدنا الضرايب تنزاح»، و«‘حنا بنعمل المسيرات، وهمّا بيوخذوا الحكومات»، و«جينا نحكي سياسة، حتى نغير نهج الرئاسة».
احتجاجات المحافظات
كما في عمّان، استمرت فعاليات الاحتجاج في المحافظات رغم استقالة الحكومة. ورغم أن أهالي منطقة عارضة عبّاد في محافظة البلقاء وزّعوا الحلويات احتفالًا برحيل الملقي، إلا أنهم نفذّوا وقفة احتجاجية، شهدت إشعالًا للإطارات، بحسب ما نقلت إحدى سيدات المنطقة لحبر.
وفي إربد، اعتصم العشرات أمام مقر النقابات المهنية، وأطلقوا هتافات تحتفي بالمظاهرات الشعبية التي نجحت في إسقاط حكومة الملقي. وهتف المتظاهرون: «يلّي نادونا طنطات، هينا بنسقط حكومات». وعلّق المحتجون على جدران ساحات النقابات المهنية يافطات تندد بـ«إملاءات» صندوق النقد الدولي في ما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي.
وفي الكرك، شارك العشرات في الوقفة الاحتجاجية المستمرة منذ خمسة أيام، أمام مبنى المحافظة. وفيها هتف المتظاهرون: «لا تقلّي أمن وأمان، أنت بتحمي هالزعران»، و«اهتف سمّع كل الناس، كرامتنا هي الأساس».
وفي الشمال، في محافظة المفرق، جدّد العشرات من المحتجين في المدينة وقفتهم الاحتجاجية اليومية. وهيمنت استقالة الملقي والأنباء عن تكليف الرزاز على هتافات المتظاهرين، ومنها: «يسقط نهج الحكومات، اهتف اهتف في الساحات»، و«لا الملقي ولا الرزاز، بيكفيكوا استفزاز».
في السياق نفسه، شهدت ساحة العين في مدينة السلط اعتصامًا هتف فيه المتظاهرون الذين شككوا بوجود نيّة حقيقيّة للإصلاح: «تمثيلية تمثيلية، والعصابة هيّة هيّة». كما حمّل المتظاهرون الملك مسؤولية الأوضاع الاقتصادية الأخيرة، وذلك بحسب مقاطع فيديو من الاعتصام، نقلها إلى حبر المشارك بشار ريالات. ومن هتافات المتظاهرين فيها: «بطّلنا نحكي ونقول، غير عبدالله ما في مسؤول»، و«يا عبدالله يا ابن حسين، المركب غرق، إنت وين؟».
[ينشر المقال ضمن اتفاقية تعاون مع مجلة حبر]