في كل البرامج الحوارية التى ظهر فيها محمد رمضان بعد أن صار نجما، وربما الأعلى أجرا، دائما يذكر بداياته الفقيرة والصعبة والعقبات التى وقفت فى رحلة صعوده، ليس من بينها الفقر وحسب — يكتب على تويتر"سنة ٢٠٠٤ كان عمري ١٦ سنة. كنت لا أملك إلا ثقتي في الله وحوالي ١٣جني قابلت كم إحباطات لا يتحملها حد. كنت انتظر المخرجين امام المسارح باليالي باحثاً عن فرصة ولا أيأس رغم احباط بعضهم لي” — ولكن أيضا النبذ والتجاهل وربما العنصرية بسبب فقره وشكله ولون جلده. يحكي رمضان والدموع تغلبه عن استبعاده من فيلم "حسن ومرقص" لعادل إمام لسبب لا يعلمه، ومؤخرا تردد بأنه تم طرده من فرح ابن الزعيم فى الساحل الشمالي، كما رفض الزعيم ظهوره فى لقطة واحدة من مسلسل "عوالم خفية" الذى تم عرضه فى رمضان ٢٠١٨. نفس الحكاية تتكرر مع على الحجار ويتم طرده من المشاركة فى مسرحية لعلي الحجار، كانت تعرض وقتها في مدينة الإسكندرية وكان ذلك بسبب إعجاب الجمهور به مما دفع بأمير عربى منح رمضان قلم ألماظ، فكان سبب الطرد هو الغيرة والحقد كما يقول.
ولد محمد رمضان فى مايو ١٩٨٨ بمدينة قنا في صعيد مصر، لأسرة فقيرة، حيث يمثل الفقراء فى مصر نحو ٨٤ %، وأكثرهم فقراً فى صعيد مصر. بدأ مشواره الفني من خلال أدوار صغيرة في عدد من الأعمال منها فيلم "حمادة يلعب" ومسرحية "قاعدين ليه" كان ذلك سنة ٢٠٠٥. فى سنة ٢٠٠٦ شارك في مسلسل "السندريلا" ولعب دور أحمد زكي فبدأ بلفت الأنظار إليه. في نفس العام شارك في مسلسل "أولاد الشوارع". عام ٢٠٠٧ شارك في مسلسل "حنان وحنين" مع الفنان الكبير عمر الشريف و كان من إخراج إيناس بكر، وقد أشاد به الفنان عمر الشريف وتنبأ له بمستقبل ناجح. في عام ٢٠٠٨ شارك في مسلسل "هيمة- أيام الضحك والدموع" ومسلسل "هاي سكول"، ومسلسل "في أيد أمينة"، وفيلم "رامي الاعتصامي" ومسلسل "رمانة الميزان". أما فيلم "احكي يا شهرزاد" للمخرج يسرى نصر الله، عام ٢٠٠٩ فهو يعتبر البداية الحقيقية لمحمد رمضان، على الرغم من ضعف الفيلم، من حيث البناء الدرامي والحوار وبناء الشخصيات والأداء التمثيلي الهزيل، إلا أن محمد رمضان كان الأفضل، فقد كان متوافقا جدا مع الشخصية التي قام بها، ويرجع ذلك لما يكرهه محمد رمضان في نفسه، وهو شكله الفقير الذي يظهر أصله الاجتماعي. وفى عام ٢٠١٠ شارك فى مسلسل الجماعة، وفى ٢٠١١ مثل في مسرحية "في إيه يا مصر"، ومسلسل "إحنا الطلبة"، و "دوران شبرا"، وفيلمى "الشوق"، "والخروج من القاهرة". ولكن النقلة الأهم في حياته، كانت في فيلم "الألماني" عام ٢٠١٢ حيث لعب أول بطولة له، ثم فيلم "عبده موته" الذي حقق إيرادات ساحقة وقتها، حتى صار يلقب محمد رمضان ب "عبده موته". ومنذ هذا التاريخ، تاريخ عبده موته، ومحمد رمضان يصعد بثبات لكى يكون النجم الأول فى مصر وفى الوطن العربى. هذا الوضع المربك لمحمد رمضان نفسه، وللوسط الفني أيضا، ساهم في تأكيد وتأطير الصورة التي يدركها رمضان عن نفسه: الفقير، المنبوذ، الجاهل، ...الخ. ولأنه فقير ومنبوذ يسعى دائما إلى الحماية، من الوسط نفسه، ومن المجتمع الذي يقدمه ككبش فداء عن تردي الأخلاق وتصاعد وتيرة العنف المجتمعي، وحماية أيضا من غدر الزمن وتنكره له والعودة به إلى قنا ١٩٨٨. فبدأ يقدم نفسه بوصفه الممثل الذي يصلح لتمثيل سلطة الدولة، فهو يريد تقديم أدوار عن أفراد القوات المسلحة والشرطة وإظهار الدور الذى يلعبونه في خدمة المجتمع والتضحيات التي يقومون بها، فكان مسلسل “نسر الصعيد" الذى تم عرضه فى رمضان ٢٠١٨. بعد هذا المسلسل يقدم محمد رمضان أغنيته التي أفزعت الكثيرين وأصابتهم بالدهشة لما فيها من غرور وبارانويا وتحدٍ وغطرسة.
محمد رمضان نمبر وان
بوابة حديدية عملاقة، مطلية باللون الأسود الفاخر، وفى منتصفها يظهر حرفا MR؛ وهما اختصار لصاحب البوابة "محمد رمضان". يلاحظ أن نصف حرف ال M الأيسر يأخذ اللون الذهبي فيمكن قراءتها رقم (1). تنفتح البوابة على مهل لندخل عبرها إلى واجهة قصر مهيب، تتقدم الواجهة سبع سيارات فارهة، تمثل أغلى الماركات العالمية، تبدو ألوانها كأنها طيف الأزرق والأحمر والبرتقالي والفضي والرمادي والأسود والأبيض. نتجاوزالسيارات الرابضة في مدخل القصر فتطالعنا بوابة أخرى، وفجأة ندخل إلى ردهة القصر، فيباغتنا أسد ينزل من الطابق الأعلى برشاقة، ليقودنا إلى أربع فتيات بملابس بيضاء كأنهن ملائكة حراسة، ويحملن بنادق تبدو مثل بنادق اللعب. اثنتان تحرسان البوابة الثانية، واثنتان تشرفان على الطابق الأعلى. فجأة تختفي البنات الأربع ليظهر جزء من جسم الشخص المستهدف؛ وهو مسترخ في حمام السباحة، وتنتقل الكاميرا إلى وجه الأسد الذي رأيناه ينزل سلالم القصر. هنا أرادت الكاميرا أن نوحد بين الشخص والأسد، فهما واحد. تبدأ أصوات ترتفع بإيقاع: لالا لالا لالا لالا. تنتقل الكاميرا إلى وجه الشخص فيظهر "محمد رمضان"؛ وهو يأخذ في حضنه شبلاً صغيرًا، وأياد أنثوية تحوم حوله، وأصوات الكورس تسأل:هم فين؟ وعبر جواب محمد رمضان يمكننا معرفة من المقصود بـ "هم".
اللي قالوا مش ها يوصل من زمان (هم فين؟)
اللي في بدايتي قفلوا كل البيبان (هم فين؟)
والسؤال "هم فين" بدلا من "هم مين" يشير إلى مكانة هؤلاء الآن مقارنة به، فهو نمبر وان. فالأهم هنا المكانة وليست الأسماء، ربما لا يتذكر الأسماء، ولكنه يرى أين هم؛ فهم ليسوا محددين بهوية شخصية، ولكنهم يحتلون موقعا في التصنيف الاجتماعي. المكانة هي التي تشكل الهوية بالدرجة الأولى. فهو الآن في مكانة لن يقدر أحد أن يصل إليها(أنا فوق..مهما تجري صعب تعديني. أنا فوق. لامبورجيني وأنت يابني مكنة صيني. أنا فوق. ربك وحده هو قادر يوديني. أنا فوق. ربك وحده هو اللي معليني) بالإضافة إلى السيارة لامبورجينى التي تعرفها طبقة بعينها وهى دال على مدى الثراء الفاحش، نجد رمضان يستعين أيضا بالله، فهو الذي يعطى من يشاء، وهو الذي يرفع من يشاء. لامبورجينى تشير إلى المكانة أيضا، وفى الوقت نفسه هو يغازل الحس الشعبي عبر الإيمان بالله الوهاب وأيضا ترديد اسم الله من أجل الخوف من الحسد وزوال النعمة.
يظهر محمد رمضان محاطاً بالفتيات، يحرسن نومه ويقظته، ويوفرن له أسباب الراحة والأمان والمتعة أيضاً. و هن لا يظهرن هنا بوصفهن أدوات للمتعة - إلا فيما ندر- ولكن يظهرن بوصفهن حارسات، فيبدو محمد رمضان كأنه رئيس دولة أفريقية، يتحرك أينما رحل في خيمته/قصره، ومعه جيش من الأمازونيات لحراسته. يتحرك داخل قصره في أمان، ومن حديقة القصر وحمام السباحة، يطلق رسائل إلى أعداء وهميين أو حقيقيين. فيبدو كأنه محاصر من أشباح تطارده، فيأمرهم بالسكوت مرة، وبالتوقف مكانهم مرة أخرى في لهجة تحدٍ واضحة (اثبت مكانك مسمعش صوتك. رايحين لفين ده أنا الملك. أنا ملك الغابة شايفك قطة). في لقطة معبرة، يتحرك وهو يضع المسدس في وسطه، وينظرإلى الخارج بحذر وترقب من وراء ستارة، فيرى أشباحًا وخيالات؛ ولكنها لنساء حراسته يتمايلن ويرقصن فيعود مطمئناً ليعاود بث رسائله بشجاعة أكبر، وبطريقة شعبية: وله وله وله.
محمد رمضان في هذا الفيديو لا يظهر بوصفه ملكاً متوجاً أو "نمبر وان" إلا في مجال حيازته: القصر والسيارات والنساء. هنا يظهر بوصفه محاصرًا من أشباح الماضي والمستقبل، كما أنه لا يثق في اللحظة الحاضرة، فيستعين بوسائل شتى لحراستها وتأمينها. هو يطلق رسائل تهديد ووعيد واحتقار لمن يفكر في الاقتراب منه، أو التقليل من مكانته التي يحتلها الآن. ويكرر الرسالة نفسها على نحو مرضي، فتتحول الكلمات إلى ما يشبه التعويذة والسلسلة المعلقة فى الرقبة كأنها تميمة، بالإضافة إلى الملابس البيضاء التى يرتديها هو ونساء حراسته التى تمنح الإحساس بأنها سترات واقية من الرصاص. هذا المناخ يظهر محمد رمضان كأنه يعانى من أوهام وخيالات وربما يتصور مؤامرة تُعمل ضده فى مكان مجهول فيصرخ فى آخر الأغنية "التاج على راسى يلا يا بروطة". ويعطينا ظهره ويمشى صوب نساء حراسته.