["ملف من الأرشيف" هي سلسة تقوم "جدلية" بنشرها بالعربية والإنجليزية بالتعاون مع جريدة ”السفير“ اللبنانية. الملفات لشخصيات أيقونية تركت أثراً عميقاً في الحقل السياسي والثقافي في العالم العربي.]
الإسم: سيد محمد جمال الدين الأفغاني
الشهرة: الحسيني - والده صفدر
تاريخ الولادة: آب / أغسطس عام 1838
مكان الولادة : أسد آباد التي تقع في إقليم همدان في إيران.
المهنة: سياسي بالدرجة الأولى وصحفي ومفكر. يعتبر من أوائل رواد عصر النهضة الإسلامية ومذهب الإصلاح والتجديد.
محمد جمال الدين الأفغاني
- كان الأفغاني ملماً بالعربية كما تلقى علوم الشريعة الإسلامية والصوفية. وكان مهتماً بعلومٍ أخرى مثل المنطق والفلسفة والرياضيات.
- كما اختلف المؤرخون والمفكرون حول مكان ولادته اختلفوا حول المكان الذي تلقى فيه جمال الدين الأفغاني دراساته الدينية، ولهذا أهمية كبيرة وخاصة أنه كان ناشطاً في بلاد المسلمين السنة. وقد أثبتت الوثائق المشار إليها سابقاً أنه تلقى علومه أولاً في قزوين وطهران ثم لاحقاً في كربلاء والنجف أي في المراكز الدينية الشيعية. بينما نقل معاصروه وتلاميذه ومنهم محمد عبدو ورشيد رضا أن الأفغاني تلقى علومه الدينية في بلاد الأفغان التي يغلب عليها أهل السنة ولذلك فهو على المذهب السني.
- يذهب المؤرخون إلى أن جمال الدين الأفغاني أخفى مكان ولادته الأصلي ليخفي أصوله الشيعية لكي لا يثير شكوك علماء السنة في أفكاره ودعواته.
- قضى الأفغاني حياته في تجوال دائم حيث تنقل بين الهند وأفغانستان ومصر والأستانة وباريس ولندن
- عمل سياسيٍّاوصحفيّاً طول الفترة التي استطاع المؤرخون فيها تتبع حياته. ويعد جمال الدين الأفغاني من أعلام النهضة الإسلامية فقد نادى إلى التجديد في الفكر الإسلامي وخاصة أثناء إقامته في مصر حيث سعى إلى نشر أفكاره من خلال عمله الصحفي ودروسه ومحاضراته وقد لُقب بحكيم الشرق، كما تشير المصادر العربية إليه بـلقب “السيد”.
- انتسب إلى الماسونية عام 1875 وعُيِّن رئيساً لمحفل كوكب الشرق بعد ثلاثة أعوام من انتسابه إلى المحفل. وينسب إليه محاولة تنظيم العديد من تلاميذه وأتباعه في مصر وفي إيران في سلك الماسونية.
حياته
- في أثناء حياته المهنية لم يستطع الأفغاني أن يبقى في مكان واحد فترة طويلة باستثناء مصر التي أقام فيها ثماني سنوات وهي أطول مدة تُرخت منذ تم تعقب أسفاره ونشاطاته عام 1866.
- لم يستطع المؤرخون تتبع حياة ومنجزات الأفغاني إلا منذ عام 1866 عندما سجل أول ظهور له في قندهار في أفغانستان حيث دخل الأفغاني في خدمة الأمير محمد أعظم كمستشاره الخاص من عام 1866 إلى 1868. ويقال إن الأفغاني عرف نفسه في أفغانستان على أنه الإسطنبولي. انتهت خدمته في بلاط الأمير محمد أعظم خان عندما هُزم هذا الأخير على يد أخيه شير علي وهرب إلى إيران. قام شير علي بإبعاد جمال الدين الأفغاني من أفغانستان في عام 1868.
- انتقل عبر الهند إلى مصر ومنها إلى الأستانة ووصل إلى مقر الخلافة العثمانية في عام 1870. هناك ألقى الأفغاني خطاباً حث فيه على الصناعات فشبهها بأعضاء الجسم ثم قال في خطابه: “لا حياة لجسم إلا بروح وروح هذا الجسم إما النبوة وإما الحكمة”. استُخدمت جملته ضده واتهمه شيخ الإسلام حسن فهمي أفندي بأنه يشبه النبوة بأية صناعة أو حرفة لكونها مكتسبة. أثارت هذه الحادثة سخط علماء السنة ضده مما اضطره إلى ترك الأستانة في عام 1871 والتوجه إلى مصر.
- في مصر بقي الأفغاني لمدة ثماني سنوات من عام 1871 إلى 1879، كان خلالها نشيطاً في مجال الصحافة والسياسة والعلوم فألقى كثيراً من الدروس والمحاضرات للعامة، وقد استطاع أن يجذب إليه عدداً من التلاميذ والأتباع منهم محمد عبدو الملقب بالشيخ الإمام وسعد باشا زغلول الذي أصبح لاحقاً رئيس حزب الوفد. لم تقتصر نشاطاته على المحاضرات والدروس ، ولكنه كتب أيضاً في بعض الصحف المصرية مثل صحيفة “مصر” لرئيس تحريرها أديب إسحاق و”امرأة الشرق” التي أصدرها ابراهيم اللقاني. لم تلق أفكار الأفغاني ودعوته للتجديد استحساناً من قبل شيوخ الأزهر وعلمائه، فقد اتهموه بالإلحاد والهرطقة.
- أما نشاطه السياسي فقد تميز بأنه مركز بشكل أساسي ضد الاستعمار البريطاني ويبدو أنه عمل على تحريض أتباعه ضد الخديوي إسماعيل , ومع العلم أن الأفغاني كان على وفاق مع خلفه محمد توفيق باشا إلا أن الشك راود هذا الأخير حول نوايا الأفغاني فأمر بإبعاده من مصر عام 1879.
- من مصر ذهب إلى الهند وأقام فيها بين حيدر آباد وكلكتا وقام بتأليف كتابه المشهور “الرد على الدهريين” والذي قام بترجمته من الفارسية إلى العربية تلميذه محمد عبدو.
- في عام 1883 سافر من الهند إلى باريس وبقي فيها أكثر من ثلاث سنوات. في ذلك الوقت أصدر مجلة “العروة الوثقى” التي قام هو وتلميذه محمد عبدو بتحريرها وعاونهم في ذلك أيضاً محمد باقر البواناتي من لندن. أصدر من مجلة “العروة الوثقى” ثمانية عشر عدداً ندد فيها بشكل أساسي بالاحتلال البريطاني.
- كانت مناظرته مع المستشرق الفرنسي إرنست رينان وراء شهرته الواسعة في الأوساط الغربية وفي الشرق أيضاً. دارت مناظرته مع رينان حول مكانة العلوم في الإسلام. فقد ألقى رينان محاضرة عزا فيها التراجع والجمود في البلاد العربية إلى الإسلام، كما سلم رينان بتفوق العرق الآري على العرق السامي مشيراً إلى أن العنصر العربي في هذه “العلوم العربية” لم يكن سوى اللغة فقط لاغير، أما الفلاسفة أنفسهم، الذين اشتهروا في تلك العلوم، هم إما مسيحيو بلاد الشام أو من أصول فارسية وأندلسية.
- قام الأفغاني بالرد على رينان بأسلوب لبق وجدلي فند فيه تلك النقاط وقدّم مقارنة بين ما أشار إليه رينان حول دور الإسلام في قمع العلوم وخنقها وما قامت به المسيحية تجاه فلاسفتها وعلمائها. أقر الأفغاني بأن الإنسان يخضع إلى أثقل استعباد وأكبر ازدراء عندما يسلم أمره إلى ذوي العلم من قومه يطيعهم ويتبع إرشادهم ويخضع لأوامرهم وهم يمنعونه أن يجادل في الشر والخير إلا أنه في الجملة نفسها عمم هذه الظاهرة ليجعلها لا تقتصر على الإسلام وحده بل على جزء من المسيحية وحتى الوثنية.
- كتب الأفغاني في رده أن الديانة الإسلامية لا تختلف عن غيرها من الديانات وفيها تعصب والمجتمع الإسلامي لم يتخلص إلى الآن من وصاية الدين ولكن الأمل يعتريه أن تحطم الأمة الإسلامية أغلالها وتتقدم شامخة في طريق المدنية مثل الغرب….
- بينما أدت هذه المناظرة إلى ازدياد شهرة الأفغاني في الغرب واعتباره رائداً في مجال التجديد والإصلاح الديني ، أدت إلى مزيد من الانقسامات حول أفكار الأفغاني واتجاهاته الدينية والعقائدية وقد قام مترجمو هذه المناظرة إلى حذف بعض المواضع من جواب الأفغاني لما اعتقدوه من عدم ملائمة كلامه حول الإسلام.
- في عام1887 دعاه الشاه ناصر الدين إلى إيران ليتولى شؤون الحربية فقبل الأفغاني المنصب إلا أن الشاه توجس منه واعتراه الشك والخوف فنفاه إلى روسيا حيث نشط في الصحافة الموجهة ضد الانكليز. بقي في روسيا حتى 1889.
- عاد الأفغاني إلى إيران في 1889 وتقلد منصب مستشار الشاه ناصر الدين الخاص إلى أن الشك عاود الشاه مجددا وأمر بنفي الأفغاني مجدداً عام 1891.
- طوال إقامته في البصرة وبعد ذلك في لندن كرس الأفغاني طاقته لتحريض أتباعه في إيران على خلع الشاه والثورة ضده. وقد حرر العديد من المقالات في مجلة “ضياء الخافقين” في لندن هاجم فيها الشاه وسياساته الموالية للبريطانيين وخاصة امتياز التبغ الذي أعطاه الشاه للانكليز.
- تسلم دعوة من السلطان عبد الحميد للحضور إلى اسطنبول فسافر إليها عام 1892 وبقي فيها حتى مماته بسرطان الفم عام 1897.
أعماله
لم يترك أعمالاً مكتوبة كثيرة باستثناء كتاب ا”لرد على الدهريين” الذي كتبه باللغة الفارسية أثناء إقامته في حيدر آباد وكتاب صغير بعنوان “تتمة البيان في تاريخ الأفغان” طبع في مصر. أما محاضراته فقد تم تسجيل بعضها من قبل تلاميذه وطلابه أما هو فلم يكتبها.
كانت أعماله الصحفية أكثر غزارة حيث نشط في العديد من الصحف في مصر وروسيا بالإضافة طبعا إلى مجلة “العروة الوثقى” التي حرر فيها المقالات مع محمد عبدو، وصحيفة “ضياء الخافقين” في لندن.
أفكاره
- كما رآها أتباعه : وجه الأفغاني عنايته لحل عقل الأوهام عن قوائم العقول وحمل تلامذته على العمل في الكتابة وإنشاء الفصول الأدبية والحكمية والدينية. وعمل على إنهاض الدولة الإسلامية من ضعفها للوصول إلى مراتب الأمم المتقدمة يكون الإسلام فيها ذا شأن عظيم. رأى أن لدور العلم أهمية كبيرة
- طرح فكرة إقامة جامعة تشمل جميع دول المشرق وتحركهم ضد الاستعمار وخاصة البريطاني وقد انقسم محللو كتاباته إن كان الأفغاني يقصد جامعة إسلامية تشمل الدول المسلمة فقط أم جامعة شرقية تضم جميع دول الشرق التي تعرضت للاستعمار على يدي الغرب.
- لفت الأفغاني انتباه العديد من المفكرين والسياسيين والكتاب منذ وقت مبكر فقد صدرت كتب تحلل أفكاره واتجاهاته السياسية منذ بدايات القرن الماضي. فقد صدر كتاب البروفسور إدوارد براون “الثورة الفارسية” في عام 1910 حيث كان الأفغاني فيه إحدى الشخصيات الرئيسية في هذا الكتاب. قام الشيخ محمد المخزومي بتأليف كتاب باسم “خاطرات جمال الدين الأفغاني” قدم فيه لمحة مفصلة عن حياة الأفغاني وبرر ودافع فيها عن أفكاره ودعواته السياسية.
- مازال جمال الدين الأفغاني موضع جدل بين المفكرين والمؤرخين العرب والغربيين وبين متبعي التيارات الدينية المختلفة. بعضهم يؤيد الأفغاني وآراءه وأفكاره ويرى فيها التجديد الذي كانت تحتاج إليه الأمة الإسلامية لتنهض وتقاوم الاستعمار. ويرى هؤلاء المؤيدون أن الأفغاني سعى جاهداً لإيقاظ ثورة الوعي في الناس والروح الكامنة في الإنسان الشرقي. كما كرس حياته لمحاربة اليأس والنفوذ الأجنبي بالإضافة إلى التماس المنهج القرآني في بناء الأفراد والجماعات. بينما سعى البعض الآخر إلى مناهضة أفكاره وإثبات غلطها وسوء نيتها. فقد أثار الجدل حول منشأه ومدارس تعليمه ريبة العديدين حيث عمدت العديد من الكتابات إلى محاولة إثبات شيعيته أو بهائيته أو حتى إلحاده.
للمزيد من القراءات والآراء:
أعداد مجلة العروة الوثقى ، محمد عبدو وجمال الدين الأفغاني
خاطرات جمال الدين الأفغاني ، محمد المخزومي
http://nachaz.org/index.php/fr/textes-a-l-appui/histoire/53-2012-07-18-01-32-26.html
http://www.weghatnazar.com/article/article_details.asp?id=865&issue_id=87
Kedourie, Elie. 1966. Afghani and `Abduh; an essay on religious unbelief and political activism in modern Islam. London
keddie, Nikki Ragozin [forme avant 2007], and Gamal ad-Din Afgani. 1983. An Islamic Response to Imperialism: political and religious writings of Sayyid Jamal ad-Din "al-Afghani". Berkeley: Univ. of California .Press