عقوباتُ الليلِ للوحيدِ يضمِّدها النهارُ بأوهامٍ شتّى.
مُضفياً على العينين الزائغتين من عراكِ الأشباح عُمقَ الحكمةِ الناجية من هاوية،
مُقْنِعاً عظامكَ المرتجّةَ بَرداً أنها أعمدةُ بُنيان،
لافحاً سمْعَكَ، وقد تَناوَبَ على دكِّه معولانِ عنيدان: دويُّ المدافع وطنينُ البعوض، بحفيفِ سيرتِه الأولى: نافذة تطلُّ وتستضيف.
حتى لَتنسى، برشقةِ ماءٍ فاترٍ، خَدَرَ يديك من وطأةِ الفراغ.
تحسب، نافضاً أمام المرآة ودائعَ العتمة، أنّ مقاسَكَ أكبرُ مما أنجزه حتى الآن نجّارُ التابوت.
وتكاد توقن، حين يصطفق البابُ خلف خطاكَ، أنك أهلٌ للصباح.
مرحباتٌ للمارة،
تلويحٌ للطير،
تربيتٌ بإيقاع الذكرى على حديد الجسر الصابر فوق مجرىً ناشف وتحت عجلاتٍ ماجنة،
ولَمْلَمَةٌ في العيادة لِما تَساقَطَ مِن خريفِ الناس.
لا ضائقاً بما مضى، ولا فزِعاً ممّا سيأتي.
حرٌّ، كالمنارة في مرفأٍ مهجور، أن تبدّد أنفاسَكَ بين لهفتينِ:
شرقاً إلى البيت الذي صار مستودعاً لرواسب الطوفان،
غرباً إلى العائلة المحروسةِ بنزواتِ البحر.
حتى يستدرجك الأصيلُ بشبّابته اللعوبِ نحو مرعاكَ الضيق.
يلتفُّ القيد آنَ تديرُ المفتاحَ في القفل،
وتُسدَل العصابةُ لحظةَ تجتاز العتبةَ الباردة.
فاسرَحْ.
اشطفِ الأرضَ، لَمِّعِ الأوانيَ، اكوِ القمصانَ، عَطِّرِ السرير.
ما من زائر يستدلُّ، ولا طيفَ سيغامر.
انثرْ ما شئتَ من فتات الخبز على الشرفة. لن يَسمح حاجزُ الغربان بمرورِ أيِّ هديل.
نقِّحْ بحثكَ عن( تاريخ الحصن) فيما الحرائق، على مرمى صرخةٍ، تكشف ظَهْر َالقلعةِ كُحْلِيّاً أملَسَ لكرابيج اللاهوت.
وتعالَ إلى حيث الإهانة، كلّ الإهانة، طوعَ صفيرِ سيّدنا الجوع. انقرْ بالشوكة والسكّين ما في هذا الصحن، وابلعْ وحيداً صامتاً كاتمَ الغصّات، كأنك النمر في السِيرْك المفلس:
مروّضُهُ قهقهةٌ في السقف،
وجمهوره دمدمةُ الجدران.