للمطرِ عينانِ: إذا كَشفتْ واحدةٌ فضيحةَ الأرض، أَسدلت الأخرى ستائرَ السماء.
وجبينُهُ مَلِكٌ لا يَحكم إلاّ ساجداً.
للمطر شفتان: إذا ازْرَقَّتْ واحدةٌ مِن برْدِ المنفى، أضاءت الأخرى شرفاتِ البيت.
لسانُهُ؟ يا لأنينِ الريح حين تشدُّ ضفائرَها أيدي الغرقى!
للمطر وجنتان: كلّما صفع الخريفُ اليمنى، مالت اليسرى ممسِّدةً كمنجاتِ الشتاء.
عنقُه جسرُ ضبابٍ بين حزن الرعاة وجوع الذئاب.
للمطر يدان: الشرقيّةُ فجرٌ يبثُّ هديلَه بين شقوق الزنزانة، والغربيّةُ ليلٌ يرجم أبوابَ الحرسِ بعواء الأشباح.
ظَهرُهُ جدارٌ تفقأُ عليه الظهورُ المجلودةُ نقمتَها.
للمطر رئتان: في الشهيق رنينُ أجراس المدرسة التي افتتحها الغراب قُرب( مغارةِ الدم)، في الزفير حفيفُ السنابلُ فوق جباهٍ خدَّدَها جفافُ الخابور.
قلبه أساطيرُ الأوّلين يَتلوها الربيع على البراري قبلَ أن يهبطَ وحيُ الصيف.
للمطر خاصرتان: قُدَّ القميصُ، فلا عاصِمَ للصخورِ من أزاميل الموج، ولا رادَّ لشفاهِ الرمل عن نبيذِ الأعماق.
سُرَّتُهُ: جزيرةٌ تركها العاشقان لقيطةً. إذا أنكرتها الشمسُ، تَبَنَّتها النوارس.