في هذا النقاش للوضع بين إيلين كتاب وأجرت المقابلة ضياء علي، تلقي ايلين كتاب الضوء على التجربة الشخصية لرائدة في جامعة بيرزيت وكيف واجهت الصعوبات كامرأة في بيئة معينة.
أيلين كتّاب
مديرة معهد دراسات المرأة وأستاذة علم الإجتماع في جامعة بيرزيت٬ ورئيسة نقابلة العاملين في الجامعة من سنة 2011-2013. ولها العديد من المساهمات المجتمعية والمؤسسات الأهلية الفلسطينية.
ضياء: رح نكون مع د.أيلين كتّاب مديرة معهد دراسات المرأة في جامعة بيرزيت وأستاذة علم الإجتماع بالجامعة وأيضا هي رئيسة لنقابة العاملين بالجامعة من سنة 2011-2013 أهلا وسهلا فيك د.أيلين ونرحب بك بالوضع.
.أيلين: شكرا لك ضياء
ضياء: طبعا سوف نتحدث في أكثر من موضوع وأكثر من اتجاه بموضوع الحركة النقابية والعمل النقابي في الجامعات الفلسطينية وبالتحديد في جامعة بيرزيت كونك صاحبة تجربة خاصة بهذه الجامعة، نتحدث قليلا عن تاريخ الحركة النقابية في فلسطين وتاريخ الحركة النقابية في جامعات فلسطين، تفضلي.
أيلين: شكرا، طبعا الموضوع كثير مهم وهناك كثير من العاملين لم يكن العمل النقابي يشكل لهم قضية مهمة في فترة من حياتهم ولكن أصبح الآن هناك وعي نقابي أكثر، والذي يجب أن نعرفه هو أن هذه المؤسسة مهمة في مرحلة التحرر الوطني والديمقراطي لأننا في مرحلتنا نخوض نضالاً وطنياً ضد الإحتلال الاستيطاني الكولونيالي ولكن بالمقابل في أثناء هذه المرحلة، من المفترض أننا كشعب فلسطيني يطمح إلى الديمقراطية أيضا ويطمح لدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة لابد بأن يكون هذا البعد النقابي جزءاً من الطموح. والحقيقة أن العمل النقابي منذ نشأته في فلسطين ارتبط بالحركة الوطنية والأحزاب السياسية بشكل عام وهذا الارتباط هو لم يكن اعتباطياً، هو أيضا عضوي لأن منظمة التحرير الفلسطينية في تطويرها للعمل الجماهيري شكلت اتحادات مختلفة كان منها الإتحاد النقابي الذي كانيمثل الأحزاب المختلفة، يعني أيضا كان عندنا ثلاثة أو أربعة اتحادات، لكل حزب له اتحاده وبالتساوي والموازاة كانت كل الحركات الإجتماعية الأخرى من اتحادات المرأة النسوية والطلابية وطبعا كان العمل التعاوني، لكنه لم يكن بهذا الشكل، وأتخيل أنه منذ نشأة الاتحاد النقابي والطلابي والنسوي كانت أولويتهم العمل النقابي في قضاياهم اليومية لأن الإحتلال كان القضية الأساسية طبعاً، وهو حاليا الصراع الأساسي ولكن شرذمته بالأحزاب السياسية من الممكن أنها أضعفته بشكل أو آخر، و من الممكن أنه كان في منافسة ولكنها منافسة ليست إيجابية، وفي بعض الأحيان فئوية جداً، و قلصت من وحدة العمل النقابي وربما أخرجته أيضاً من سياقه البرنامجي النقابي والديمقراطي فأصبح العمل الوطني هو الذي يسود، والذي هو في مرحلة شرعي ومطلوب ولكن لم يواز هذا العمل الوطني البعد النقابيوالبعد الديمقراطي في العمل النقابي وأنا أتخيل كان هذا إحدى الإشكاليات في العمل النقابي. منذ نشأته أيضاً اعتمد العمل النقابي على العمال بشكل أو بآخر، والذكور من العمال هم من يشكلون الأغلبية فيه مما يعني أنه أخذ طابعاً ذكورياً من حيث العدد، وممكن لم تكن هذه رؤيته ولكن نسبة المرأة في العمل الرسمي لم تتجاوز 15% - 16% من العمالة وبالتالي هذ يعني أن كثيراً من النساء لم يكنّ في العمل النقابي ولم يكن هناك تأثير كبير من الحركة النسوية كي تؤطر في العمل النقابي لأن حقوق المرأة مهمشة في العمل النقابي بشكل عام وهذه كانت قضية أخرى يفترض أن ننتبه لها من البداية وممكن أن هذه إحدى القضايا التي جعلتني أترشح لانتخابات النقابة لأنه حتى الآن لم يفكروا ولا مرة في أن يكون هناك امرأة ممكن أن تكون رئيسة نقابة.
ضياء: وهذا ينقلنا إلى السؤال الذي يليه وهو تجربتك كونك رئيسة لنقابة العاملين في جامعة بيرزيت، سنتان وأنت بهذا الموقع؟
أيلين: سنتان طبعا على أساس ندخل المحطة الثانية أو السؤال الثاني الذي تحدثت به ضياء، في النهاية ممكن أن أقسم العمل النقابي إلى ما قبل أوسلو وما بعد أوسلو أيضا، قبل أوسلو كانت هناك شرذمة أكبر من التي هي حالياً موجودة بشكلها الحالي ولكن الأولوية كانت للعمل الوطني وليس الديمقراطي، ما بعد أوسلو أصبحت المرحلة تختلف تماماً، جزء من العمل النقابي أصبح يتعامل على أننا مجتمع ما بعد الصراع، كأنه أصبح لدينا حكم ذاتي وبأننا تحررنا من الاحتلال وبالتالي لاحظنا التناقص وخصوصا في تراجع الحركة الوطنية بعد أوسلو والنضال الوطني خفّت وتيرته، اليسار بشكل عام الذي كان مظلة العمل النقابي تشرذم وضعف في بنيته ورؤيته وبالتالي أصبحت النقابات ما بعد أوسلو كأنها مشلولة، أدوات فقط للأحزاب يتم استخدامها وقت الحاجة في مواسم معينة وفي بعض الأحيان تبقىالأجندة وطنية ولكن خافتة لأن كل العمل الوطني كان خافتاً خصوصاً أننا كنا "سعيدين" بالدولة.
بالنسبة لي كانت هناك ضرورة لتغيير الوجه النقابي ليس فقط من حيث الجنس والنوع الاجتماعي أي إدخال المرأة لكن من حيث قضاياه، فالعمل الوطني دائما يجب أن يشكل جزءاً أساسياً من العمل النقابي لأننا ما زلنا نعيش مرحلة تحرر وطني وقضيتنا الوطنية هي الأساس لأنه لا يمكن لنا بناء دولة ديمقراطية إلا بعد زوال الاحتلال، ومع وجود أوسلو، السلطة الفلسطينية حاولت بكل أدواتها، وخصوصا أدواتها التمويلية، أن تخفت هذا الصوت النقابي المجتمعي بشكل عام للمجتمع المدني والذي مورس عليه كثير من الضغط وتم تهميشه بشكل أو بآخر وخصوصاً أن المجتمع المدني والأطر الجماهيرية التي كانت موجودة من الصحية والزراعية والنسوية...الخ كانت أقوى من السلطة في بعض الأحيان لأنها كانت السلطة الشعبية وكان لها تأثير إيجابي ما قبل أوسلو وكانت هي أقوى من أوسلو نفسهاكمؤسسة لحين ترسمت السلطة وأصبحت أقوى في بنيتها المؤسساتية وفي هذه المرحلة أتخيل أنه حدث هناك انهيار للحركة الاجتماعية بشكل عام لأن المؤسسات الجماهيرية أصبحت مؤسسات تخصصية.
ضياء: تمأسس العمل الجماهيري؟
أيلين: نعم تمأسس العمل الجماهيري وأصبح مرتبطاً بالتمويل الخارجي وهذا التمويل أصبح يوجه العمل الجماهيري والعمل المجتمعي بشكل عام مما أفقده أولا قيمته الوطنية لأنه لا أحد سيعطينا من أجل التحرر الوطني أو الأسرى أو اللاجئين وبالتالي التمويل ألغى كل هذه القضايا على أساس أننا ما بعد الصراع، هكذا تم تشكيل الخطاب والبرامج وبالتالي هذه المؤسسات التي أصبحت تجمع على أنها بحاجة إلى خبراء وأشخاص يتحدثون الإنجليزية على أساس مقدرتهم على طلب المشاريع وربما حولوا في شكله الى الأكثر تخصصية وليس فقط تخصصي ولكن أيضا مشرذم وهذه المؤسسة تتحدث فقط عن العنف ضد المرأة ولم نر النوع الاجتماعي بشكله الكامل والمتكامل بارتباطه مع بعضه.
أنا هنا لا أريد القول بأن التمويل الأجنبي هو مؤامرة ولكن هو غباء المجتمع الفلسطينيي لأنه لم يكن لدينا ما بعد التسعينات وما بعد أوسلو فكرة أن المرحلة مرحلة تحرر وطني وبقي تعريفنا للمرحلة أنها مرحلة ما بعد الصراع وأنا أتخيل أنه أفقد كل العمل الجماهيري مضمونه بشكل عام هذه قضية، القضية الثانية أن السلطة بعدما جاءت ارتبطت طبعا بالعولمة وبالسياسات الاستعمارية والنظام الرأسمالي هو النموذج الأساسي الذي من المفروض كشعب فلسطيني أن ندخل فيه، وهناك كان لابد أن العمل النقابي يصبح أكثر قوة لأن هذه علاقة الصراع بين العمل الجماهيري الذي يقاوم والذي يتحدث عن صمود واقتصاد مقاوم وليس ملحقاً، ليس فقط بإسرائيل ولكن بنماذج الرأسمالية العالمية وحتى الليبرالية الجديدة. هذا كله أدى إلى تعثر العمل الجماهيري، أصبحت السلطة مرتبطة بالبنك الدولي وما يخرجمن خطاب وما يخرج من برامج والمنح على ماذا، بحيث أصبحنا نطلب حسب المنحة وليس الاحتياج وهذا طبعا شوه العمل المجتمعي بشكل عام والعمل النسوي هنا من الممكن القول أن الاتحادات النقابية لم تهتم في هذا البعد،
.البعد التنموي الذي أخرج المنتج من أرضه وسمح للاستيطان بأن يتمدد، لأن هذا أو كان هناك مقاومة عندما حصل ذلك، فهذا كله لم يدرج على أجندة العمل النقابي
ضياء: كانت هذه محفزات لكي تشاركي في النقابة؟
أيلين: نعم، طبعا لأن البنك الدولي أخرج سياسة التعليم العالي، نحن عندما قرأناها حتى في معهد دراسات المرأة كان لنا كثير من النقد عليها لأنها ملحقة برؤية البنك الدولي والذي يحاول أن يخصخص التعليم، خصخصة التعليم تعني فقدانه البعد النضالي والمقاوم لأننا أصبحنا بحاجة إلى اللحاق بالسوق. وكانت شعارات البنك الدولي أنه حتى يصبح هناك كفاءة أكثر في مؤسسات التعليم العالي يفترض أن نزيد من حجم الطلاب في الفصول الدراسية بحيث يصبح 50 طالباً بدل 20، نطرح شعباً كثيرة ونتعاقد مع أساتذة غير متفرغين حتى نحصل على المال ونقوم بمهماتنا كجامعة والتي أفقرت المستوى الأكاديمي أولاً. وأنا أقول إن خصوصية بيرزيت هي المستوى الأكاديمي. فقدنا من مساحة التحليل النقدي والفكر النقدي لأنه لا يوجد وقت للنقاش بسبب كثرة عدد الطلاب، أيضا هذه كانت قضية والتيكانت إحدى توصيات البنك الدولي في التكيف البنيوي للتعليم العالي والذي وضعوه كشعار، ونحن الحمد لله تجاوبنا معه وأفضل مما يريد البنك الدولي وكما يقولون "نحن ملكيون أكثر من الملك". هذا كله طبعا بدأ يعكس نفسه على سياسات الإدارة في جامعة بيرزيت وعلى سياسة مجلس التعليم العالي بشكل عام بداية بتقليص الدعم المالي للجامعات، هذا أصلاً بند لدى البنك الدولي، مقابل الأمن والصحة، الصحة والتعليم تم تهميشهم في خطة التعليم العالي والقطاعات المجتمعية بشكل عام مقابل ضخ كل التمويل للأمن من الأمريكان والاوروبين بشكل عام، لكن حتى تتكيف الجامعة أصبحت تتخذ إجراءات غير مدروسة واعتباطية حتى يستطيعوا أن يسدوا مصاريف التعليم وبالتالي عدد الطلاب نهض والصفوف محدودة لعدد الطلاب وبالتالي أصبح التخطيط مالياً فقط وليس أكاديمياً أصيلاً لأن الجامعة هيالمساحة العامة للطالب أن يفكر ويناقش ويطور أفكاره. وأخيراً يهدف الى تنمية وطنية، الجامعات أصبحت تجارية وأصبح العمل الجامعي هامشياً حتى الأستاذ أصبح يعمل في أكثر من مكان لأنه لم يعد هناك تمويل للأبحاث إلا إذا بذل الأستاذ جهداً شخصياً بالحصول على تمويل لبحثه وبالتالي فقدنا الإنتاج المعرفي وهذا يقلل من قيمة الجامعة بشكل أو بآخر وهذا سبب مشاركتي كوني امرأة وكنت واعية لسياسات التنمية والتعليم العالي والتي كانت مرتبطة فقط بالميزانيات ولم تكن تتطلع الى أبعاد مثل هذه الاجراءات والسياسات على مستوى التعليم وعلى مضمون التعليم، على هل التعليم أداة للمقاومة أم لا؟ هل التعليم يثبت الهوية الفلسطينية أم هوية التكنوقراط "الخبير" في السوق الليبرالي الجديد والذي حدث ويحدث؟ هذه كانت قضيتنا وليس الحياة المعيشية فقط. وأنا أدعم حق العامل بأن يكون فيظروف عمل مناسبة ومعاش مناسب ليكفي احتياجاته الأساسية ولكن اقتصار العمل النقابي فقط على هذه القضية أراه إشكالية لأن العلاقة تصبح بالعمل النقابي علاقة مالية وأنا أول ما بدأت العمل النقابي كانت قضية انخفاض سعر صرف الدينار بحيث تعقد اتفاقية مع مجلس التعليم العالي أو مع إدارة جامعتنا حول فرق الدينار.
ضياء: تثبيت سعر الدينار مقابل الشيقل؟
أيلين: وهذه كانت أول معركة عندي والتي لم أكن أحبذ الخوض بها لأنها ليست قضيتي لكن أنا أمثّل كل العاملين، فهذه القضية مهمة خصوصاً للمهمشين الذين يجنون رواتب قليلة، فطبعاً كان من المهم كجامعة بيرزيت أن نحصل على أعلى شيء، أنا ناضلت بهذا الشكل حتى مع مجلس الأمناء أن يكون لنا خصوصية في جامعة بيرزيت ونحن مستوانا الأكاديمي أفضل حسب رؤيتنا وأيضا نحن نعيش بالوسط وبالتالي معيشة الوسط تختلف عن معيشة الشمال أو الجنوب وبالتالي لن نقبل أقل من 5.6 وانتهى وأضربنا أسبوعين وحققنا المطلب وطبعا بقية الجامعات لم تستطع الالتزام وكان بالنسبة لنا من المهم أن نقول إن لنا خصوصية ونحن في جامعة بيرزيت نحترم العامل ونحترم معيشة العامل الذي نحن نحاول أن ندعمه لأننا نرى أن هذه السياسات سياسات مقاومة وثبات وصمود فهي ليست قضية 10قروش زيادة، الفكرة أكبر بكثير من ذلك وهذا نفذناه وانتهينا منه وكان الأهم أن نبدأ بالقضايا الأخرى مثل تمثيل الطلاب في مجلس الجامعة وأيضا تمثيل النقابة في مجلس الجامعة حتى لو لم يكن هناك تصويت لكن يفترض أن يكونوا في النقاشات، التصويت طبعاً مشكلة لأنه قانونياً صعب ولكن أن يكونوا جزءاً لا يتجزأ من النقاش وإلا من دون ذلك لم يحدث إضرابات طلابية والتي أغلقت الجامعة لمدة شهر وكل سنة يحدث هذا الشيء، لو أن الطالب ممثل داخل مجلس الجامعة لتمكن من التعبير عن نفسه ولم يحدث هذا ولكن لا يوجد آذان صاغية ويوجد تهميش للطالب أصلاً، ولفكره واستخفاف بعقل الطالب الذي نراه في كثير من الأحيان أفضل من الأساتذة في تعبيراتهم الفكرية والذهنية، هذه قضية؛ القضية الثانية هي قضية الفجوة بين النخبة الموجود في الإدارة وما بين المعيشة الحقيقية للعاملوللأستاذ، حتى الأستاذ، واذا انتبهنا إلى معاشات الأساتذة، والتي هي أصلاً موحدة من مجلس التعليم العالي، نرى أنه فقد قيمته بالرواتب المتدنية في المقابل "بال نت" مديرها والذين يحصلون على أضعاف أضعاف حتى يدمروا الاقتصاد الفلسطيني. ومثلما أقول في بعض الأحيان "بان كي مون" يقلق ويحصل على 35 ألف دولار شهرياً أما الأستاذ الذي يقدم كل المعرفة ومساحة التفكير والنقاش طبعاً هو مغبون وأنا أتخيل أن هذا الوضع ليس في فلسطين فقط وإنما بالعالم بشكل عام.
ضياء: كونك كنت رئيسة للنقابة وامرأة بالأساس وصاحبة القرار في النقابة وتحدثت في البداية أن العمل النقابي يأخذ الطابع الذكوري، كيف لك أن تكوني صاحبة قرار بموقع ما والكم للذكور؟
أيلين: طبعاً نحن كتبنا رسالة سنوية وتكلمنا عن العمل النقابي العشائري والذكوري لأنه في البداية أنا صحيح كسبت وحصلت على أعلى الأصوات حتى كل الصحف المحلية جاءت وناقشت من هي هذه المرأة التي فازت ويمكن نحن ليس مثل الذكور نحب الظهور طول الوقت، أصلاً لا أحد يعرفنا، سألوني كيف تريدين أن تقرري؟ فأجبت مثلما أقرر في الاقتصاد المنزلي أقرر بالجامعة، لأنهم لم يكونوا يحسبونني على حزب سياسي فأنت كونك مستقلة كيف كسبت؟ فكان الجواب إنه البرنامج، نحن كان هدفنا أن نعلّم المفاهيم أنا مرحلتي كانت مفاهيم، يعني صحيح حصلنا على فرق الدينار لكن قضيتي كانت أكبر من ذلك هي القضية الأكاديمية، وهي مواجهة تفريغ الطلبة وخصخصة جامعة بيرزيت ومواجهة تفريغ الجامعة من الطلبة الفقراء والذين من الممكن أن يكونوا هم المفكرين والمناضلين فكل هذهالقضايا نحن من بدأ بنقاشها، طبعا حق التعليم الذي تحدثت به السلطة كيف له أن يكون، حتى لو أخذنا المدارس بشكل عام والمدارس العامة أكيد مستواها متدن عن المدارس الخاصة وهذا له أبعاد على الطالب، أين له من الممكن أن يقبل وإلى أي جامعة يذهب؟ وهل يستطيع أن يتعلم بالخارج أم لا؟ فأنت تقرر مصيره في الثانوية العامة وتقرر مصيره وطموحه بهذه السياسات وبدأنا نطرح البعد الطبقي للتعليم، يعني يوجد بعد طبقي واضح وليس فقط في القسط التعليمي ولكن أيضاً في مضمون التعليم هناك بعد طبقي، أي نوعية تعليم يجعله يفكر بشكل نقدي وفلسطيني وليس بشكل معولم، ويفكر على أنه سيتخرج ليكون مناضلاً مجتمعياً وليس ليكون فقط موظفاً وهذا نوع التعليم الذي نحاول طرحه وفي كثير من الاجتماعات مع مجلس التعليم العالي وكان وزير التعليم في ذلك الوقت الدكتور علي الجرباويوهو زميل قديم بالجامعة وكنت أتمادى وأتحدث في أشياء لا يستطيع الآخرون التحدث بها وأقول لهم إننا لا نشحد منكم وهذا حقنا ونحن من جاء بالسلطة وليس أنتم من جاء بها، مقاومة شعبنا هي التي جاءت بكم ونحن بمقدورنا أن نقول لكم اذهبوا في أي وقت وكان مندوبو الجامعات الأخرى يتطلعون لنا باستهجان لأن الولاء السياسي ما بين رؤوساء النقابات ومجلس التعليم العالي ووزارة المالية ...الخ وأنا ليس لدي هذه العلاقة وبالتالي لا يوجد أسلوب ابتزازي وأيضا لا أنسى أن أقول إن الهيئة الإدارية للنقابة كان فيها 3 نساء وكانت الزميلة "رلى أبو دحو" وكانت زميلة أخرى من الموظفات وثلاثتهن كن سنداً لي بحيث أصبح البعد النسوي أوضح في جامعة بيرزيت، حيث أنه في اجتماع الرئيس السابق والذي كان لا يزال جزءاً منا فكر كوني امرأة أنه لا زال الرئيس وأحيانا يقف أمامي ويبدأ بالحديثبالرغم من عدم سماحي له فقلت كلنا هيئة إدارية ولكل منا الحق في الحديث وليس فقط الرئيس من يحق له الحديث وبالتالي كانت أمامنا تحديات كيف نعلم الناس طريقة التعامل، وأنا لا أستطيع عمل حفلة شواء ومن ثم عمل اجتماع للنقابة وأنا رفضت ذلك حيث أن اجتماع النقابة يجب أن يكون في غرفة اجتماع النقابات ولا يكون رحلة إلى أريحا فكان الأسلوب والنمط عشائرياً أكثر واجتماعياً وليس جدياً بحيث لم نكن نقبل أن نذهب إلى تلك الرحلات أو اذا ذهبت إحدى الزميلات فقط لتعطي الموقف وتعود ودائما نحاول أن نعلّمهن أن العمل النقابي مهم جدا وهذه مؤسسة حياة الشعب في يدها فإما أن تحسنوا معيشة الناس وتطورا فكرهم وأدوات المواجهة لديهم أو إذن ما هو العمل النقابي فالعمل النقابي ليس فقط لأرفع معاشي 20 دينار هذا ليس عمل نقابي.
ضياء: من خلال تجربتك، كيف تقيميين العمل النقابي في الجامعات الفلسطينية وتحديدا جامعة بيرزيت؟
أيلين: العمل النقابي في جامعة بيرزيت نسبياً أفضل من غيره وحتى مع كل هذه الشوائب أتخيل في هذا العام حدث تحرك نقابي له بعد وطني أفضل لأن الجماهير أصلاً منتفضة فهذا يعكس نفسه من جديد على العمل النقابي والذي هو شيء جيد.
ضياء: كونه اليوم يوجد إضرابات؟
أيلين: غدا إضراب والأسبوع القادم إذا لم تنفذ مطالب النقابة سيكون هناك إضرابات، أيضا أخذت إدارة الجامعة موقف إيجابي من الطلبة الذين يخرجون إلى الحواجز بعدم اعتبارهم غائبين عن المحاضرات فهذا كان شيئاً جديداً ومهماً والنقابة ساعدت في هذا الكلام ولكن لا يزال العمل متبلوراً حول الراتب، يعني لا يزال يدور حول المعيشة ونسي كل القضايا التي رفعناها من قبل"المضمون الأكاديمي، المستوى الأكاديمي" كل هذه القضايا تم نسيانها.
القضية الثانية، البعد النسوي خفت، حتى النساء أنفسهن خفت اهتمامهن بالعمل النقابي من خلال اللجان ونحن حالياً مسؤولون عن لجنة الأساتذة وهذه اللجنة هي من أهم اللجان، ليس لأنني أرى أن الأساتذة أهم من العمال ولكن هي من تضع السياسات أي أن الأساتذة هم من يضعون السياسات في الجامعة بشكل عام فهذا يخدم العمال وهذا البعد ليس قوياً ونحن من خلال اللجان أساتذة وموظفين نحاول تطويره من جديد ليس فقط البعد النسوي وإنما البعد المهني للعمل النقابي لنضرب العشائرية والفئوية فيها والتي تشتد وتخفت حسب النهوض الوطني يعني ممكن المجتمع كان أوعى بكثير من قياداته وأحزابه لأنه وحدّ الدم في الانتفاضة.
ضياء: هذا يعني أن تأثير البعد الوطني قائم ومستمر في البعد النقابي؟
أيلين: ليس قوياً لكنه موجود ولم يُلْغ وهذا مهم كثيراً وهناك الكثير من المناسبات الوطنية نقوم بإحيائها في الجامعة وكيف نحييها، قد تكون وقفة أمام الإدارة ولكن لا تصل إلى خروج الأساتذة إلى الحواجز وهذا لا يمكن أن يحدث بالرغم من أنه كان يحدث في السابق كوني كنت طالبة في السبعينات، الطلاب والأساتذة يكونون معهم، وأنا لم أشعر يوما ما بالفرق وحتى بـ81 كنا في كافتيريات الطلاب ونناقش الطلاب بالسياسة وكانت هناك علاقة عضوية بين الأستاذ والطالب وعلاقة سياسية وفي بعض الأحيان لا نشعر أننا أساتذة وهذه العلاقة فقدت تماما حتى أنا علاقتي بالفصل ليست أكثر، وهذه إشكالية للعمل النقابي وأنا كنقابة عندما أقوم بإضراب يجب على الطالب أن يفهمني ولا يقف ضدي ونحن حالياً في فترة امتحانات وسوف نضرب فهي محطة حساسة دائما يستخدمها العمل النقابي.
على كل حال العشائرية ما زالت موجودة في العمل النقابي، يعني ممكن رئيس اتحاد النقابات في مجلس التعليم العالي ينفذ ما يقوله الوزير مما يعني أن هناك ولاء سياسياً طبعا لحركة فتح لأنها هي من تحرك العمل النقابي بشكل عام ويبقى أي عمل نقابي مستقل أضعف ولا يستطيع السيطرة، القضايا التنموية مثل الخصخصة وقضية حقنا في التعليم وواجب الحكومة في دعم التعليم لأن التعليم يتم دعمه في أمريكا وهي مركز العولمة والرأسمالية العالمية وبالتالي لماذا يجب علينا القبول بهذا التقليص وليس هناك تحرك
.جدي بهذا الاتجاه
ضياء: هل تفكرين بالعودة لترشيح نفسك لرئاسة النقابة؟
أيلين: لا، يكفي الآن سوف أتقاعد وهناك عضوات في المعهد يتمتعن بالكفاءة وسوف نتيح المجال للجيل الجديد ومهم كثيرا أن نقوي الجيل الجديد وندعمه ليخوض المعركة لأن المعركة القادمة أكبر بكثير من .المعركة السابقة وهي بحاجة للشباب
.ضياء: د.أيلين كتاب نشكرك كثيرا والحديث معك لا يمل، مشكورة دكتورة
أيلين: تسلم
.ضياء: يعطيك العافية