[تنشر هذه المادة ضمن ملف خاص حول الفن التشكيلي والثورات العربية. للإطلاع على جميع مواد الملف اضغط/ي هنا]
الفنان التشكيلي المصري عاطف أحمد
الربيع العربي.. خريف الحلم..
واقع متغير وأنظمة باقية..
كان الحلم منذ عقود مضت أن يتغير الواقع العربي لواحة أرحب، لحياة يسودها الرخاء والحرية وتتحقق فيها قيم العدل والمساواة، وأن يجد فيها الإنسان متسعًا من العيش الكريم..
أصابنا جميعًا اليأس من طول الزمن وبقاء الأنظمة على ما هي عليه دون تحريك ساكن أو تفعيل لدور، حتى أصبحنا غير قادرين على الفعل غير مؤثرين ولا مشاركين في تطور الإنسانية بشكل عام.. وأصبح من الضروري البحث عن شرعية بديلة يقوم عليها الحُكم السياسي وتتحدد على أساسها مسؤوليات الحاكم والمحكوم، والواجبات والحقوق المترتبة على كل منهم، ومرت ثقافتنا العربية خاصة في مصر بفترة من الركود والتراجع في فترة من أسوأ فترات ازدهارها في كل أشكال الفنون والآداب.
وتراجع دور المثقف والفنان إلى أدنى مراتب الحياة ولم يعد له التأثير الذي كان وانسحب من الحياة العامة مكتفيًا بذاته بعيدًا عن مجتمعه.
وجاءت مقدمات الربيع العربي وبدايات ثوراته لتبعث في الأفق أملًا جديدًا وحلمًا قد يتحقق. وما أن بدأت في بلدانها شارك فيها الجميع وكل مثقف وفنان عربي حقيقي سواء بالفعل والنزول إلى الساحات والشوارع أو بالقول والتحريض للوصول بها إلى منتهاها من إزاحة وإحلال لأنظمة بائدة بأنظمة جديدة قادرة على مواكبه العصر والسير في ركابه.
ومرت أيام وأحداث وسنين وتبدى الحلم يومًا بيوم، ساعة بساعة، ليجد الفنان والمثقف نفسه أمام واقع جديد قديم، فلم يتغير الكثير بل ظل الوضع على ما هو عليه قبل قيام تلك الثورات.
أضف إلى ذلك ما آلت إليه الأحداث في بعض البلدان من خسائر مازالت تحدث مستنزفة معها كل ما تبقى من موارد الدولة مزهقة أرواح الأبرياء ومشردة لها في كل أصقاع الأرض وعرضت دولها إلى تقسيم وتفتيت.. مستدعية لكل التيارات الظلامية الرجعية متخذة من الدين ستار لها ولا يغيب عن المشهد حجم المؤامرة التي تحاك بنا من الآخر ومن أنفسنا أيضًا، فتسارعت الدول للعب على متناقضاتنا للفوز بأكبر مكاسبها على دمائنا وأرواحنا.
ولم يستطع الفن والمثقف تغيير شيء في مجري الأحداث التي مرت بها كل بلاد الربيع العربي، ففي زمن الأحداث الكبيرة يقف الفن متأملًا ومندهشًا مسجلًا وشاهدًا عاجزًا عن التغيير والحركة، وبشكل عام يحتاج الفن إلى مدى زمني يستطيع من خلاله الرصد المتأني واستيعاب ما حدث حتى تتوافر لديه الرؤية الواضحة ليقدم فنًا صادقًا يرصد من خلاله كل أو جوانب سياسية أو إجتماعيه باحثًا عن موضوعات أكثر إلتصاقًا بالواقع وصياغات جديدة مجددًا في أدواته.
وفي الخمس سنوات التي مرت على بدايات الثورات العربية لم يستطع ولم يخرج إلى النور أعمال في أشكال الفنون والآداب ترقى إلى ما حدث في واقعنا من أحداث كبيرة، فلم ترصد أعمالًا تحلل وتقدم تصوًرا فنيًا عن ما حدث له نفس العمق والثراء إلا من بعض الأعمال التي تمت على استحياء في ذلك البلد أو تلك، فالوقت مازال مبكرًا على تستيعاب ما حدث وتقديمه في أعمال فنية وأدبية.
*************
عاطف أحمد في سطور:
ولد الفنان التشكيلي المصري عاطف أحمد إبراهيم عام 1969، حصل على ليسانس الأداب والتربية عام ١٩٩٥ كما حصل على دبلوم الفنون الشعبية من أكاديمية الفنون عام ١٩٩٩. حصل على منحة التفرغ من وزارة الثقافة المصرية من عام ٢٠٠٠ حتى ٢٠١٣.
وهو عضو نقابة الفنانين التشكيليين المصريين وعضو مؤسس للجمعية المصرية للمأثورات الشعبية، وعضو أتيلييه القاهرة.
يبحث عاطف في منجزه البصري عامة، عن القيم الحقيقية في المجتمع الذي ينتمي إليه، محاولًا التعبير عن المهمشين والبسطاء من الناس في حياتهم اليومية وتطلعاتهم، كما يشير الفنان إلى حرصه علي مشاركتهم البحث عن عالم أفضل، وهو يهتم بالبحث والتجريب، كما يهتم بالنماذج المصرية الشهيرة والعادات والطقوس المحببة لدى المصريين، مؤكدًا حرصه الدائم على إجراء نقلات مختلفة.
وبالرغم من شغفه بالتصوير منذ أن بدأ تجربته الفنية، إلا إنه يجمع حاليًا بين التصوير والتصوير الفوتوغرافي، محاولة منه للبحث حول صياغات جديدة للمسطح في إطار التجريب في الخامة والتقنية بطباعة الصور الفوتوغرافية على وسائط مختلفة «ورق - خشب - توال» مع إضافة معالجات لونية.
شارك الفنان أحمد عاطف في عشرات المعارض الشخصية والجماعية في القاهرة وعدد من المدن المصرية، كما شارك بمعارض عربية ودولية عديدة.
نال عددًا من الجوائز المحلية وشهادات تقدير وميداليات تذكارية مختلفة.
وأعماله مقتناة من مؤسسات رسمية في مصر ومن هيئات مختلفة في انجلترا، هولندا، ألمانيا .