صُبْحَ كَشَفْتِ لنا، صرنا ليلاً. ولولا لَيْلُكِ، ما كنّا أهلاً للصباح.
أدَبُ السالكِ إليكِ ألّا يَجِدَ. ما تابَ من اطمأنَّ، ولا اهتدى الواصل.
حَمَّلْتِ القاطفَ لهفةً إلى ما لم يَرَ. ولو عادَ، لَشَغَلَتْه فاكهةُ السُّوْرِ عن خزائن الأعماق.
اسمُكِ يُرقى إليه سهَراً، يوصَد على سِرّه بالحسرة، يقشَّر رنينُه بطرفَي أُنملتَينِ، ويُبَلُّ به رِيْقُ المُلبّي هديلَ الفجر.
كثيرٌ من الأسرى يعضّون على ذكراه، فينكتم الأنينُ إلى أن يكلَّ الجلّاد ويتفتَتَ السوط.
بنقطةِ الباءِ مَسَحوا جبينَ المسحور، فقام يهذي حتى دَلَّهُمْ على الغابة الناجية.
عَلَّقت العصافيرُ تاءَكِ تميمةً حول العشِّ.. تَدَلَّتْ أرجوحةً، وعَلَتْ بطفلينِ نحو غيومِ التُّوْت.
يحدو الشاردُ عن الرَّكب بالواو، ليعرف الراحلون أنّ كلَّ أمامٍ سراب، والالتفاتَ قيْد.
أوّلَ ما فتّح عينيه الطفلُ القافز إلى الينبوع رأى اللّامَ سمكةً تسعى: بَطْنُها يلوِّن الحصى، وظَهْرها يخاتِل الشمسَ.
ليس لشجرة الجوز حفيفٌ ما دمتِ بردانة.
في تمّوز تُخَشْخِش مثقَلةً بما رَهَنْتِ من أساور. الريح تفرك الأوراقَ، دأْبَ أظافرِكِ على ما اقترفنا من وُحُول. الأجراسُ الخضر تُنَمِّشُ الصباحَ بِحِصَّةِ قدميكِ تحت البطانيّة الوحيدة، والأغصانُ تُفكفك جدائلَ الليل متمتمةً ما رَدَدْتِ به دموعَ السقف عن وجنات النائمين.
كُرمى لصرختِكِ عند شلّالات الهرمل، حَلفت النواعير ألّا تكفّ عن الدوران مهما تَعَكَّرَ العاصي.
للبُزقِ اعتقادٌ أنّ الخابور عائد:
من أيّة سلالةٍ جُبِلت الأصابعُ، بأيّة لهجةٍ رفرفت الأغنية؛ لوعةُ الأوتار واحدة: ضُحَى استضفتِ نيلوفرَ( عين جاموس) بزرقة عينيك.
دامت الشمعة التي استظهرتِ أمامها( طه) و( النجم) و( الأعلى) و( الليل) كلَّ رمضان. هلَّ العيد وهي بطول السبّابة الخافقة.
لأنّ الألِف المقصورة شديدةٌ على العتم، رئيفةٌ باللَّهَب.
من القمح أصفاه وأَنْعَمُه أضاميمُ مبثوثة، فلا يغصّ الحَمام إذا أبطأَكِ عن التسبيح ضبابُ المنام.
تُمازِحين القمرَ. رفعتِ المكواةَ حين ماسَتْ أشعَّتُه بين ورود قميصِكِ الرَّطب:" لا تلعبْ بالنار! ادخلْ في أيّة غيمة، واتركنا نعمل".
وتُواسين الشمسَ. رجوتِها أن تلبث عند مَدخل تَدْمر، لتنتزعي وحدك دفاترَنا والصوَرَ من أنياب الوحش:" انتظريني هنا. لا أحبُّ الآفِلِين".
صوتكِ. لا المبحوحُ كرجاءِ مَن طوَّقتْه الدوّامة، ولا الفاترُ كيأسِ الواقف على الشطّ.
كأنه حفنةٌ من بحيرةِ الحدقتين. أغناه الصفاءُ عن الإيماء، وموَّجَهُ السعيُ بين نار التوبة وفَيْءِ المغفرة.
" ماذا حَلَّ بكتبي؟". قلتِ:" في خزائن الله".
صدّقتُكِ. غبطتُ مَن كَتبوا وما انكتَب.
مثلما صدَّقتُ أنّ سبب دوامِ ذلك الحذاء البنيّ أربعةَ أعوام، ندرةُ مَقاسِ قدميكِ في الأسواق.
تعلَّلتِ بأوّلِ باقةٍ للمزهريّة الخاوية كي تُريَني الأزرقَ الجديد.
الصُّدفةُ وحدَها جَسَّدتْ لِنَظرتِكِ في الشرفة مغزى إطراقي مُسَبِّحاً بحمدِ مَن وَهَبَ هاتين الشعلتين الحريريتين زُهْدَ الطيرِ، مرحَ الفراشة، وحكمةَ النَّحل.
" حُلُوْ؟"
غمزتُ أنْ: نَعَمْ.
مِن يومِها: والحاءُ زرقاءُ في مسمعي، زرقاءُ تحت لساني.
اللاذقية 20-3-2017