على عكس الكثير من الكتّاب ظلّ الشاعر والروائي العراقي حميد العقابي يرفض كتابة مقالات بشكل دوري في الصحافة لأسباب عديدة أهمّها عدم استقلالية غالبيّة الصحف العربيّة والعراقيّة عن قرار الأحزاب والشخصيّات السياسيّة، ومنذ أخذ موقع فيسبوك بالانتشار، تحوّل جدار حميد العقابي على الموقع الأزرق منبراً لآرائه في الأدب والسياسية، فضلاً عن تعليقاته على التحوّلات التي تطرأ في المجتمع، ومواقف المثقفين، لاسيما العراقيين منهم، تجاه أبناء جلدتهم.
وقد كتب العقابي على صفحته في فيسبوك العديد من المنشورات والشذرات المهمّة التي تتعلق بمسائل شائكة. وكانت منشوراته شجاعة وذكيّة ولمّاحة، وكان لا يخشى الخوض في أي قضيّة، ولا يصمت عن أي حدث حين يجد أن هناك ما يقال فيه، حتّى تحوّل جداره إلى مجلّة خاصة يديرها بنفسه.
تنشر "جدلية" بعض النماذج من منشورات حميد العقابي الذي توفي في مغتربه الدنماركي في 4 نيسان / أبريل عام 2017، توثيقاً لآرائه، لاسيما وأن أن مواقع التواصل الاجتماعي قادرة على بلع التاريخ وهضمه وإحالته إلى النسيان ببساطة تامة.
***
(مثقفٌ) عراقي يسمعُ صليلَ سيوفٍ قادماً من ألفي عامٍ، فيكتبُ باستعلاءٍ عن العنفِ المترسخِ في ثقافةِ شعبهِ، متمثلاً ببيت شعر:
(إذا بلغَ الفطامَ لنا صبيّ
تخرّ لهُ الجبابرُ ساجدينا)
..ويعزو كل ظواهر تخلفِ شعبهِ إلى ماضيهِ، وكأنّ شعوب الأرضِ كانت قبل ألفي عامٍ ترفل بالسلام، ولم تكن الشعوب الاسكندنافية قراصنةً ووحوشاً.
لكنه، لم يسمعْ هدير طائرة الـ B52 وهي تصبّ حممها على رأس شعبهِ الأعزل.
بل هو لا يعرف من معلقةِ عمرو ابن كلثوم غير هذا البيت، وربما لو سمع مفتتحها لم يحرك رأسه طرباً:
(ألا هبّي بصحنكِ فاصبحينا
ولا تُبقي خمورَ الأندرينا
مشعشعةً كأن الحصّ فيها
إذا ما الماءُ خالطها سخينا)
9 شباط / فبراير 2017
***
في حوارٍ طريفٍ (أو بالأحرى سخيف) بين لوط والرب (كما ورد في التوراة)، يسأل لوط ربَّه وقد قرر الأخير تدمير المدينة: "ماذا لو كان فيها خمسون رجلاً صالحاً؟" فيجيب الربّ: "سأعفو عن القومِ لأجلهم". يعود لوط ويسأل ثانيةً "ماذا لو كانوا خمسةً وأربعين؟"، فيردّ الربُ بأنه سيعفو عن القوم، وهنا يسأل لوط "أبسبب خمسةِ رجالٍ خاطئين تعاقب القوم؟". يدرك الرب مراوغة لوط الخبيثة، فلا يستجيب له.
الأمر نفسه ينطبق تماماً على القضية الفلسطينية، فبخبث اليهود وغباء العرب، تحولت القضية الفلسطينية من جريمة تاريخية كبرى بحق شعبٍ شُرّد من أرضه إلى قضية سياسية تخضع لاختلاف الرأي، ثم تحولت على يد القوميين العرب إلى قضية قومية منخورة الأساس، لتنتهي على يد الإسلاميين إلى قضية دينية تم اختصارها في مدينةٍ ومسجد.
أمّا وقد تسلّمها الآن مقتدى الصدر (وتلك لعمر اللهِ قاصمة الظهرِ)، مهدداً الرئيس الأمريكي بتشكيل جيشِ من البؤساء العراقيين للزحف إلى القدس إنْ تم نقل السفارة الأمريكية إليها، وبغض النظر عن الادعاء الذي خبرنا زيفه، فأن الأمر أصبح متعلقاً بأمر نقل سفارة، أما الأرض وحق الشعب الفلسطيني فقد أصبحا في خبر كان، أو من النوافل التي لا إثم على تركها.
.................................
.................................
في اللغة الدنماركية يقال لفعل المساومة بين البائع والمشتري على سعر البضاعة: إنهما يضرطان بالسِعر.
25 كانون الثاني / يناير 2017
***
ما زلتُ شيوعياً، (وإنْ لم أنتمِ).
وما زلتُ أرى أن (النظام الشيوعي) هو أرقى حلمٍ أزهر في ذهن البشرية.
وما زلتُ برغم الخيبة، أرى أن النظام الشيوعي قابلٌ للتحقق، بل (وبشيء من اليقين) أؤمن بحتمية انتصار العامل الأعزل على الرأسمالي المدجج بكل أنواع الأسلحة.
لكن...
(أتمنى) على الحزب الشيوعي العراقي في مؤتمره العاشر أن يعلن عن حلّ نفسهِ، وطيّ صفحة ماضيهِ، على الرغم من آلاف الشموع الخالدة التي أضاءت مسيرته (وأعني الشهداء).
وحجتي في هذا الرجاء... أن الحزب في ظروف العراق الحالية (وعلى المدى المنظور كذلك)، يشكّل عائقاً لولادةِ جيلٍ يساري جديد يبدأ من نقطة الصفر، وعائقاً لتطور يسارٍ اشتراكي ديمقراطي يتخلى عن أفكار طوباويةٍ غدت حلماً بعيد المنال، ففي ظل مجتمع عشائري ديني متخلف لن تنضج حالة الوعي الطبقي مادام العامل والفلاح مسيّرين من قبل رجل الدين.
هل يكون الحزب الشيوعي العراقي شجاعاً ويتخلى عن فهمهِ العشائري للتأريخ وللحالة الراهنة؟
1 كانون / ديسمبر 2016
***
الهوس في كتابة الرواية عند الشباب والشابات، والذي بدأت الأصوات ترتفع في الشكوى والتذمر منه، لسبب قد يبدو معقولاً وهو الخوف من طغيان الاستسهال في الكتابة، أنا أراه هوساً جميلاً ومفيداً لو نظرنا إليه من جانب آخر (غير الاستسهال)، فهو لا يدل على اندفاع الشباب إلى الكتابة (وهذا أمر محمود بالتأكيد) فحسب، بل هناك دلالة أعمق، فالشاب الذي تدفعه الرغبة (حد الهوس) إلى كتابة رواية (بغض النظر عن الموهبة والوعي بالعملية الابداعية)، يشعر بأن في حياتهِ ما يستحق التدوين، وهذا الشعور يدل على الاحتفاء بالحياة وتمجيدِ لحظات عاشها وأدرك قيمتها الحياتية.
هذا الشعور (في رأيي) يشكّل أساسَ الإبداع.
18 آب / اغسطس 2016
***
أظنُّ... أن بين المثقف (الحر) والنظام الديني لا توجد أية نقطة التقاء، وحتى لو تخلّى المثقف (الحر) عن راديكاليته ودخل مع النظام الديني بلعبةِ المساومة، فستكون الخسارة المؤكدة من نصيبهِ.
النظام الديني مبنيّ على الرفض العنيد للثقافة الحرة لأنه يعلم جيداً أن وجوده سيكون في خطر، والأمر بالنسبة إليه مسألة حياة أو موت.
لذلك أرى أن على المثقف (الحر) أن يعلن عن رفضه التام لكل تعاملٍ مع النظام الديني.
قد يقول قائل: "في هذه الحالة ستكون العزلة هي نصيب المثقف!"
أقول: "لا، إذ عليه التوجه في خطابه إلى الشعب واستنهاضه، وكذلك أن إصراره على رفض النظام الديني يعزز من دور السياسي المعارض".
7 آب / أغسطس 2016
***
(وجود دولة إسرائيل) ليس قضية سياسية، بل هو جريمة تاريخية. لذلك قد يستطيع سياسي (اليوم أو غداً) إقناع البعض بالتطبيع مع هذا الكيان المسخ، أما بالنسبة إلى المثقف (أعربياً كان أم عالمياً) فأن أي شكل من أشكال التطبيع يعني الإقرار بشرعية هذا الكيان، أو بشيء من الخجل هو دعوة إلى طي ملف الجريمة.
8 حزيران / يونيو 2016
***
لا أدري، لماذا تفرد أغلب الصحف العربية (وأعني هنا الصحف الجادة وليست الصحف الرخيصة) صفحة أو صفحتين (بمعدل يصل إلى 20% من صفحاتها) لأخبار الفنانين (ممثلين ومطربين)، وغالباً ما تكون هذه الأخبار سخيفة ومتكررة في أغلب الصحف.
ربما يكون للأمر دافع تجاري لكسب عدد من القراء، لكني لا أعتقد أن هناك مَنْ يشتري الصحيفة الجادة لكي يطّلع على فتحة فستان هيفاء وهبي أو يهمّه موديل سيارة المطربة الإماراتية أحلام الجديدة. إذن هذه حجة باطلة.
لا أخفي، إني من جماعة المؤامرة حدّ الهوس، فأنا أتوجس من أي نشاط فني أو ثقافي مصدره دول الخليج وبشكل خاص مملكة آل سعود. وما نراه اليوم من هوسٍ في متابعة أخبار المطربين والممثلين في الصحف أو الفضائيات (المملوك أغلبها من قبل دول الخليج) لا يخرج عن فكرة المؤامرة لتخدير المواطن العربي أو لتدمير وعيه.
شريحة المطربين والممثلين هي من أغبى شرائح المجتمع العربي وأكثرها انحطاطاً (لا أعني أخلاقياً بالمفهوم الشرقي)، ولكن لهذه الشريحة سحراً كبيراً على المواطن غير المحصّن بوعي وثقافة تحميه من تأثير هذا السحر، فما أن تتلفظ مطربة أو ممثلة بمفردة إنجليزية تحشرها في حديثها بادعاء واضح، حتى ترى هذه المفردة قد شاعت في أوساط الشباب والشابات يرددونها بشعورٍ دوني واضح، فأصبحت لغة هؤلاء المطربين والمطربات خليطاً من مفردات عربية وأجنبية عادة ما تُلفظ بشكل يثير القرف. وبسبب نرجسيتهم وثقتهم بأنهم ذوو تأثير على جمهورهم نجد البعض منهم (منهن) لا يخجل من إظهار جهله بل التباهي بحماقته، فتجد إحداهن تعلن بصراحة بأنها لا تحب القراءة ولا يهمها ما يجري من أحداث سياسية، وآخر يُبدي تعاطفاً مع فقراء شعبه ومشرديه وهو يملك المليارات في البنوك.
هناك صحف صفراء تصدر في كل العالم ولها جمهور كبير من قرّاء يقرأون دقائق قبل النوم، أو في القطارات، لكن على الجانب الآخر هناك صحف جادة تحترم قارئها الحقيقي، أما في عالمنا العربي المحكوم بنزوات أمراء النفط فقد اختلط الأمر.
من طرائف الأمور المؤلمة أن اغلب الصحف العربية إذا فاضت فيها صفحات الإعلان فأنه لا يزحف إلا على الصفحة الثقافية ليلتهم نصفها أو أكثر، تاركاً صفحات الرياضة وأخبار الفنانات الملونة تنعم بحصانة حدودها.
...................
عالمٌ يراد تسفيهه أكثر مما هو عليه الآن من سفاهة.
1 شباط / فبراير 2016
***
بالتأكيد أن للغرب نظرة استعلائية مقيتة لشعوب الشرق، نظرة كرّسها الاستعمار وأصبحت سائدة بوعي ولا وعي شعوبه (الغرب)، وحتى مفكريه منذ الديمقراطي جداً فولبير (1821 ـ 1880) وحتى الآن، فهم ينظرون إلى الآخر (نحن) كشعوب بدائية غير منتجة اقتصادياً وحضارياً، والذي جعلَ لهذه الفكرة مبرراً لرسوخها في الأذهان أن واقع شعوبنا لم يثبت العكس. وبالرغم من كل العوائق التي وضعها الغرب الاستعماري في طريق نهضة وتطور هذه الشعوب، فأن على الشعوب الحية أن تظهر على الأقل بوادر تحدٍ ومقاومة للاستعمار تكسر هذا المفهوم، لنأخذ الجزائر مثلاً، فبعد أن قدمت مليون شهيد على طريق التحرير عجزت عن بناء دولة متحضرة وظلت تتخبط في سياسات لم تنتج سوى دكتاتوريات وشعب يعتز بتخلفه. أما العراق فهو المثال الصارخ على عجز هذه الشعوب عن بناء أبسط مقومات الحياة الطبيعية.
لا ألقي اللومَ على الشعوب فأنا أمقت فكرة تقسيم الشعوب إلى شعوب متحضرة وأخرى متأخرة وفق تقسيم عنصري مقيت، فليس التخلف أو التحضر يكمن في الجينات، ولكن اللوم يقع على النخب الثقافية المهزومة التي لم تجرؤ يوماً على نقد ماضيها وحاضرها، والتاريخ يشهد أمامنا فكم من المفكرين والعلماء استشهدوا في تصديهم لسلطة الكنيسة ومحاكم التفتيش، ولنقارنها بما قدمه المثقف العربي.
بل لنأخذ مثالاً لايزال ماثلاً أمامنا، وهو ما جرى من جريمة بشعة قام بها الجيش الأمريكي في سجن أبي غريب ونسأل: كم مثقفاً عراقياً وعربياً أدان هذه الجريمة؟ كم شاعراً كتب قصيدة؟ كم رسّاماً صوّر الجريمة؟ هذا ناهيك عن تصريحات مخزية أطلقها مثقفون وسياسيون تستخف بكرامة إنساننا، ليس أبشعها (يمعوّد ما كان يجري على يد النظام الصدامي أبشع بكثير)، وكأن قدر إنساننا أن يختار بين ما هو بشع وما هو أبشع.
...............................
حينما نحترم دماءنا سيحترمنا الآخر رغم أنفه.
15 تشرين الثاني / نوفمبر 2015
***
من الأمور التي لا أتردد في اتخاذ موقف فيها (وبعناد ربما يصل حد التهور) هو إعلاني لموقفي المنحاز للمثقف حينما يكون في مواجهة الغوغاء حتى لو كان مخطئاً، ليس وفقاً لفكرة الأخذ بيد الأخ في حالة كونه ظالماً، وإنما ليقيني بأن انتصار الغوغاء يشكّل انتكاسة عاجلاً أم آجلاً وأنها تنطلق في كل حين من موقف متسيس ومنقادة من سياسي خبيث يحرك خيوطها، وأن فرحها وشماتتها بالمثقف حينما يزلّ أو يخطئ طعنة لي كأني أسمعها تسخر مني.
الخلاف بين السياسي والمثقف في مجتمعاتنا العربية (وفي العراق بشكل خاص) أصبح مألوفاً، ولكن على الرغم من تكراره إلا أن السياسي والمثقف كليهما لم يعيا الدرس.
المؤلم في هذا الخلاف أنه في كل مرة يُحسم لصالح السياسي ويُهزم فيه المثقف، والسبب لا يُخفى على أحد (سوى المثقف الذي يقع ضمن دائرة الخلاف)، فالسياسي (أعني السياسي في مجتمعاتنا المتخلفة) يدخل المعركة مسلحاً بسلاحٍ فتاك وهو قدرته الخارقة على تحريك الغوغاء، مستغلاً نقطة الضعف القاتلة عند المثقف (أعني المثقف في مجتمعاتنا المتخلفة) وهي النرجسية، التي تجعله يوغل في عنادهِ حتى لو أدرك الخطأ الذي أوقع نفسه فيه. ولأنه ذو نَفَس قصيرٍ يدفعه أحياناً إلى اتخاذ مواقف آنية نابعة من ردود فعل غير متأنية، لذا فأنه يرسم لنفسه منحدراً دون أن يدري، يستغل الطرف الآخر نقطة الضعف هذه أبشع استغلال ليضاعف لكماته، حتى إذا أنهك المثقف وظهر ضعفه، وقف السياسي خلف الدمى التي صنعها بيده ساخراً من المثقف ومتبرئاً من بشاعة صنيعهِ ليؤكد أن المثقف (س) كان يحمل أسباب سقوطه منذ زمن طويل لكنه كان يخفي ذلك، والآن افتضح أمره، وكأنه لم يساهم في إيصال هذا المثقف إلى ما وصل إليه، وفي الوقت ذاته نجد المثقف الذي تحولت مواقفه إلى ردود فعل على استفزاز الغوغاء قد تحول هو نفسه دون أن يدري إلى موقع الغوغاء.
منذ السياب وحتى سعدي، قرأت وكنتُ شاهداً على حالات مؤلمة من الصراع بين المثقف العراقي والغوغاء، هزيمة المثقف فيها كانت مزدوجة، فهي خسارة مثقف وانتصار أغبياء.
وكمثال على ما ذكرت أعود بالقارئ إلى قبل اثنتي عشرة سنة، حينما بلغت الحيرة إلى قمة سطوتها بالعراقي (مثقفاً كان أم أميّاً) وأعني مسألة تغيير نظام صدام حسين عن طريق الاحتلال الأمريكي للعراق والانقسام الشديد الذي أفرز موقفين يقعان على أقصى طرفي التناقض ولا توجد لغة بينهما غير لغة التخوين أو دعم نظامٍ فاق ببشاعته كل التصورات.
كانت هناك ثلاثة أصوات لمثقفين عراقيين ذوي تأريخ وتأثير على الساحتين الثقافية والسياسية أعلنت عن رفضها للتدخل الأمريكي (بشكل شرس وصل حتى الشتائم البذيئة)، هذه الأصوات هي سعاد خيري وهيفاء زنكنة وسعدي يوسف، في مقابل سياسيين نظروا إلى الأمر بنظرة آنية (لا مجال هنا لطرح رأيي حول صحتها أو خطئها). هنا ارتفع صوت الغوغاء عالياً، لكنه اصطدم بجدار عجزه عن إيجاد اتهامات لأصوات لها تأريخها المشرف.
فبأي حجة يتم إسقاطها:
سعاد خيري، مناضلة شيوعية من أصل يهودي.
هيفاء زنكنة، أديبة ومناضلة كردية شيعية، وقد أبلت بلاءً شديداً في عدائها للنظام البعثي (الشوفيني), أصدرت كتاباً عن مأساة حلبجة.
فبأية رذيلة يمكن اتهامهما؟
لكن...
سعدي يوسف، عربي وسنّي.
ما أسهل صناعةَ تهمة. عروبي، قومي، شوفيني، نازي، سنّي، طائفي، قاعدي... والآن (داعشي).
أتذكر حينما قرأتُ صفة الطائفية وهي تلصق بسعدي يوسف، لم أتمالك نفسي من الضحك، لأنها جاءت كمن يصف آينشتاين بالغباء، وللتأريخ فأن أول من أطلق صفة الطائفية على سعدي يوسف هو صاحب موقع (كتابات) ذي الصبغة البعثية الواضحة، ثم وفي وقت قصير تحولت هذه الصفة مرادفة لسعدي على لسان الغوغاء، وحين شاع التفكير الطائفي ولم يعد تطهير النفس من لوثة الطائفية إلا (بالتيزاب) تحول الوهم إلى ما يشبه الحقيقة، ولا يعجز القارئ أن يجترح تأويلاً طائفياً لما يقرأه، بل إن سعدي يوسف نفسه تحولت ردود أفعاله إلى ما يمكن تفسيره بالانحياز الطائفي، فبعد أكثر من ستين عاماً من كتابته لشعرٍ يخلو تماماً من أية رمزية دينية، بدأت تظهر مؤخراً إشارات في شعره ومقالاته تدلّ على انتماء طائفي.
.......................................
..........................................
مَن المذنب؟
من أوصل سعدي إلى هذه الحالة؟
أشد ما يؤلمني هو أن تفرح الغوغاء بانتصارها السافل.
6 تموز / يوليو 2015