ستعقد الحملة مؤتمرا صحفيا يوم السبت 21 يناير عن الموضوع في مركز البدائل العربي شقة 4 ـ الطابق الرابع ـ 5 شارع المساحة ـ الدقي ـ القاهرة ـ جمهورية مصر العربية.
الحكومة المؤقتة تقترض أربعة أضعاف متوسط الاقتراض الخارجي أيام مبارك.
عاد قرض صندوق النقد الدولي ليتصدر المشهد من جديد بعد رفضه منذ شهور قليلة بحجة احتوائه على مشروطية لم يتم الكشف عنها أبدا. وعادت نفس الوزيرة-السيدة/ فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي والتخطيط-التي سبق لها الرفض تتحدث عن "مشاورات إيجابية" مع الصندوق مؤكدة عدم وجود أية مشروطية، وعادت تقول إن المفاوضات ضرورية لاقتراض نحو ثلاثة مليارات دولار لدعم الموازنة بعد شهور قليلة من قولها إن مصر ليست بحاجة لقروض تدعم الموازنة بقدر حاجة الاقتصاد لقروض تضخ بهدف الاستثمار والتوسع في خلق الوظائف، واليوم تتحدث عن الاقتراض لسد العجز رغم أن هذا لا يخدم بشكل مباشر جهود التعافي الاقتصادي وتوليد النمو وخلق فرص العمل.
فلماذا تم رفض القرض من قبل رغم أن التصنيف الائتماني للبلاد كان أفضل حالا، والقدرة من ثم على التفاوض مع صندوق النقد، الذي دوما ما يتيح الإقراض منخفض الفائدة، بشروط اقتصادية-وربما سياسية-؟ ولماذا يعاد التفاوض حول القرض نفسه اليوم ومصر في موقف تفاوضي صعب مع تردي الحالتين السياسية والاقتصادية؟ وعلى من تقع مسئولية هذه التخبط وغياب الرؤية؟
إن صندوق النقد الدولي كان حاضرا طوال العقدين الأخيرين في رسم وتطبيق سياسات البلاد المالية والاقتصادية بما عاد على غالبية المواطنين المصريين بتردي مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفقر وتدهور الخدمات العامة والتنمية الإنسانية بشهادة تقارير البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتمخض عن السياسات المدعومة من صندوق النقد الدولي إعادة توزيع الداخل من الأفقر للأغنى، وتخفيض الإنفاق العام على الخدمات الصحية والتعليم للغالبية من السكان. واليوم تعود الحكومة للتفاوض معه مجددا بحجة بلوغ العجز في الموازنة حدا لا يطاق. وكان الأجدر بالحكومة أن تراجع الموازنة العامة بعد الثورة كي تتدارك العجز، وتعيد هيكلة الموازنة لرعاية مقتضيات العدالة الاجتماعية والتنمية الإنسانية بدلا من الاستمرار في نفس سياسات النظام السابق ووزير ماليته بتخصيص ما يربو عن 19% من إجمالي الإنفاق العام لدعم المحروقات التي يذهب جلها لأصحاب رأس المال ولا تفيد الفقراء شيئا، وذهاب خمس آخر لخدمة الدين العام في مقابل الثبات الحقيقي لأنصبة الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي.
إن المشكلة أكبر من مجرد رفض أو قبول الاقتراض من صندوق النقد الدولي، إن المشكلة سياسية بامتياز تتمثل في غياب المشاركة الشعبية والشفافية عن الموقف الاقتصادي في مصر، وتعمد السلطة الانتقالية استخدام البيانات الاقتصادية الشحيحة لخدمة أغراضها السياسية تارة بإخافة الجمهور من الثورة وتارة أخرى برسم صورة وردية لاقتصاد البلاد.إن ثمة استثمارا في غياب الشفافية ونقص البيانات بل والتلاعب فيها من جانب الحكومة ومن يقودها. ثم إن هناك مشكلة أكبر تتمثل في قانونية وشرعية عقد حكومة انتقالية غير منتخبة، بل ويغلب على أعضاء فريقها الاقتصادي صفة الانتماء للنظام السابق ولحزبه المنحل ولبرلمانه المزور، عقد مثل هذه الحكومة لقروض ضخمة ترتب أعباء على الأجيال القادمة دون تفويض شعبي ولا رقابة برلمانية حقيقية ولا حتى الحد الأدنى من الشفافية لإطلاع الرأي العام المصري على الالتزامات التي ستلقى على عاتقه من حكومة انتقالية زائلة. وينسحب الأمر نفسه على كافة الالتزامات الدولية التي وقعتها الحكومة المصرية بعد سقوط نظام مبارك، والتي غابت عنها شروط الإفصاح والشفافية سواء في مبالغها أو في مصادرها.
وقد رصدت الحملة الشعبية ارتفاع حجم الدين الخارجي من 35 إلى 36.2 مليار دولار خلال السنة الماضية بواقع 1.2 مليار-طبقا للإيكونوميست حيث تغيب البيانات الرسمية!- وهي قروض تم عقدها بالفعل في ظل الحكومات المؤقتة دون تفويض شعبي ولا شرعية سياسية، وحتى دون إفصاح.
وتذكر الحملة الشعبيةلإسقاط ديون مصر بأن شروط الدين الكريه قد تتحقق في قرض صندوق النقد من حيث كون الحكومة غير ممثلة للشعب الذي تتفاوض باسمه، وبحكم معرفة الجهة المقرضة بأن الحكومة الحالية مفتقدة للشرعية. وفي حال عقدت الحكومة القرض الجديد مع صندوق النقد الدولي بمبلغ 3.2 مليار دولار تتجاوز حصيلة الاقتراض في سنة واحدة 4 مليارات أي أربع أضعاف متوسط الاقتراض الخارجي في ظل حكم مبارك! وهو عبء سيتحمله الشعب المصري لسنوات طوال، وسيعاني منه البرلمان والحكومة المنتخبين سريعا.
وفي ضوء تجربة مصر الماضية غير الموفقة مع شروط وسياسات صندوق النقد الدولي، فإن الحملة الشعبية لإسقاط ديون مصر لا تزال على موقفها ضد عقد القرض مع الصندوق، وترى ضرورة استعراض البدائل الأخرى لعلاج العجز في الموازنة. كما تدعو الحملة الحكومة المؤقتة إلى إتاحة المعلومات والبيانات الكاملة والتامة عن الوضع الاقتصادي للبلاد بما في ذلك حجم الاحتياطي الأجنبي بدقة، وحجم العجز في الموازنة، والأسس الاقتصادية التي تم عليها اتخاذ قرار الاقتراض من الخارج، وما إذا كان هناك مشروطية اقتصادية أو سياسية للاقتراض من صندوق النقد. وتنادي بإشراك البرلمان المنتخب فورا وبدون تأخير ولا تباطؤ في مراجعة اتفاق القرض والنظر في الموافقة عليه من عدمه بدلا من المجلس العسكري، وذلك أضعف الإيمان.
الحملة الشعبية لاسقاط ديون مصر