تُعدّ معركة الانتخابات الرئاسية القادمة تجسيداً نادر المثال لأزمة كلٍ من النظام الآخذ فى الاحتضار منذ 25 يناير 2011 والقوى الساعية لوراثته. تتمثل هذه الأزمة فى انهيار الطبقة السياسية التى اعتمدت عليها الطُغمة الأمنية-العسكرية الحاكمة فى إعادة انتاج هيمنتها خلال الستين عاماً الماضية، وعجز الحركة الإسلامية عن ملء هذا الفراغ بشكل كامل. فبعد عام من الثورة تبدو الطُغمة التى أدارت البلد لعقود قادرة على القمع والتحكم فى مفاصل الإدارة اليومية للدولة ولكنها غير قادرة على الحكم بالمعنى السياسى للكلمة فى حين تبدو الحركة الإسلامية، وفى القلب منها جماعة الإخوان المسلمين، قادرة على الحكم ولكنها أبعد ما تكون عن إزاحة هذه الطغمة من مواقعها فى المستقبل المنظور. أزعم أنه لا يمكن التوصل لفهم دقيق لخريطة التحالفات والتنباذات المتحولة بشأن انتخابات الرئاسة إلا فى ضوء هذه المعادلة.
(1)
تأسس نظام يوليو حول هدف مصادرة السياسة بالمجمل وممارسة الحكم عبر عدد من الأجهزة الأمنية تتحكم فيها طغمة عسكرية- بيروقراطية، تم تطعيمها بعناصر من البرجوازية الصناعية والمالية الجديدة خلال العقد الماضى، وتنتظم عبر شبكة من العلاقات غير الرسمية بالأساس. اعتمدت هذه الطغمة على طبقة سياسية قادرة على إدارة المؤسسات السياسية للنظام من أحزاب ومجالس تشريعية وأجهزة حكم محلى ونقابات مهنية وإتحادات عمال بل وحتى قطاع عريض من الجمعيات الأهلية على النحو الذى يضمن الابقاء على انسداد المجال السياسى والحيلولة دون انكشاف المراكز الحقيقية للحكم. وتشكل قوام هذه الطبقة الهجين من روافد متعددة كمتوسطى ملاك الأراضى ورؤوس العصبيات القبلية والريفية التقليدية وفيض هائل من المهنيين وبيرواقرطيى النقابات والإتحادات العمالية دون أن تشرف الطغمة الحاكمة على تنظيمها فى وحدة سياسية أو أيديولوجية صارمة تخفظ تماسكها.
وبينما انتفعت هذه الطبقة السياسية من مواقعها وأفادت شبكة مصالح أوسع بكثير، إلا أن علاقتها بالطغمة الحاكمة ظلت دائماً علاقة تبعية كاملة بشكل لم يسمح لها أن تتطور لتصبح طبقة حاكمة بالأصالة عن نفسها. ومن ثم، فمع توجيه الثورة ضربة قاصمة لأحد أهم الأجهزة القمعية للدولة، انفرط عقد هذه الطبقة بشكل درامى، آيته هى هذا الانهيار المروع للحزب الوطنى، بما شكل فراغاً كاشفاً لحقيقة هذا النظام ودافعاً للصراع مع أجهزته الأمنية إلى نقطة اللاعودة. هذا الفراغ بحد ذاته هو نواة المجال السياسى الوليد والذى يشكل استمراره تهديداً حقيقياً لمجمل علاقات القوى التى تشكلت خلال الستين عاماً والخطابات الفكرية والسياسية التى تمخضت عنها، ودعمتها فى ذات الوقت، ويفتح الطريق أمام النضالات الهادفة لتفكيكها على المدى الطويل.
محاولات الطغمة الحاكمة لإعادة انتاج نفس النظام بملامحه المعروفة باءت وستبؤ جميعها بالفشل لافتقادها لهذه الذراع السياسية بالتحديد. فمن السهولة بمكان أن تستعيد الأجهزة الأمنية الرئيسية عافيتها تحت رعاية المجلس العسكرى، ولكن إعادة تجميع وتشكيل طبقة سياسية كاملة هى عملية معقدة قد تستغرق أعوام. ومن ثم تبدو تلك العصابة، التى تحكمت فى البلد على مدار عقود، كسلطة معلقة فى الهواء تتحكم فى أدوات القمع ولكنها عاجزة عملياً عن ممارسة الحكم.
فى المقابل كشف مسار الثورة، خصوصاً مع الانتخابات البرلمانية الأخيرة، عن وجود طبقة سياسية جديدة طامحة للتحكم فى جهاز الدولة ينظمها التيار الإسلامى فى مكونه الإخوانى بالأساس- طبقة سياسية تشكلت من رحم التسامح النسبى مع الحركة الإسلامية منذ منتصف السبعينيات وعن طريق القدرة على تعبئة قدر معتبر من رؤوس الأموال المادية والرمزية خلال هذه الفترة. نتحدث هنا عن طيف واسع من أصحاب المهن من محامين وأطباء ومعلمين ينتمون إلى الطبقة الوسطى بالمعنى الواسع للكلمة فى شرائحها الأقل دخلاً والتى ظلت مهمشة نتيجة احتكار الطبقة السياسية القديمة للتمثيل السياسى. إلا أن الطموح الإخوانى يصطدم بالمؤسسة العسكرية- العمود الفقرى الذى رفد هذه الطغمة بأهم وجوهها والذى يشكل أحد دعائم التوافق الدولى فى منطقة الشرق الأوسط، بل ويقوم مقام الحارس على عقيدة الدولة الحديثة فى مصر منذ نشأتها والمعروفة بتشككها الدائم فى الجمهور العام ونفورها التاريخى من التسييس. ووفقاً لوجهة نظر العسكر، ربما يشكل تحول الإسلاميين لحزب حاكم فى مجال سياسى مفتوح مقدمة لموجة تسييس للمجتمع ككل يصعب التحكم فى مداها وعواقبها إذ قد تؤثر على الاستقرار الداخلى الهش فى حالة تفاقم التوترات الطائفية أو تطور النضالات الإجتماعية باتجاه أكثر جذرية وعنفاً أو الدفع بتيارات راديكالية لمركز الجدل العام تضغط على توجهات السياسة الخارجية المصرية المستقرة منذ عقود.
بعبارة أخرى، لدينا طغمة قادرة على القمع والتحكم فى مفاصل الإدارة اليومية للدولة ولكن لم يعد فى مقدورها الحكم بالمعنى السياسى للكلمة، وعلى الجانب الآخر لدينا طبقة سياسية قادرة على الحكم وإن كانت بعيدة عن إنجاز هيمنة ناجزة على مفاصل القرار. وبالتالى، يتراجع كل من الطرفين خطوة للوراء بعيداً عن مشروعه الأصلى للقاء الآخر فى منتصف الطريق. ومحصلة هذا التلاقى هى بناء ديمقراطية هشة ومحافظة تعبر عن هذا التوازن نفسه: هشة لأنها مرتبطة بالتوازن الدقيق بين الإخوان والأجهزة الأمنية ومن ورائها الجيش، ومحافظة لأنها تقتصر على إجراءات تداول السلطة والتعددية الحزبية وكفالة حد أدنى من حريات التعبير دون أن تتعدى ذلك لضمان الحريات النقابية مثلاً أو تأسيس مفهوم أرحب لحرية العقيدة والضمير ناهيك عن تنكرها لمكتسبات المرأة وإبقاءها على مناطق نفوذ للجيش والأجهزة الأمنية محجوبة عن الرقابة الشعبية وإعادة انتاج نفس النظرة الطبقية المحافظة لقضايا الجريمة والأمن العام.
استفتاء 19 مارس كان مقدمة لهذه التنازلات المتبادلة وتلاه عدد من المحطات انتهت بانتخابات مجلس الشعب. ثم تأتى الخطوة المتممة لهذا المسار وهى انتخاب رئيس للجمهورية ترى فيه الطغمة الأمنية سيدها المنتظر الذى يمكن معه استعادة قدر معقول من أوضاع مبارك وتراه التيارات الإسلامية بوصفه حاجزاً بينها وبين الجيش ومن خلفه القوى الإقليمية والدولية يمكّنها من استئناف مشروعها فى السيطرة على جهاز الدولة والتحول لحزب حاكم بالمعنى الكلاسيكى للكلمة دون أن يمتلك هذا الرئيس من أسباب القوة ما يعرقل هذه العملية. ومن هنا تتجسد فكرة الرئيس التوافقى التى يلح عليها الجميع. وجوهر التوافق هنا هو التواطؤ على الإبقاء على الانفتاح القائم فى حدود "آمنة" والحيلولة دون امتداد الثورة الديمقراطية إلى معاقل السلطة الرجعية بالكامل كمواقع العمل والجامعة والجيش أو حتى مجال الحياة الخاصة والذى استند عليها النظام السابق فى بلورة خطابه المحافظ.
(2)
مشكلة الشهور الماضية كانت، ولاتزال، هى الاستقرار على إسم قادر على لعب هذا الدور. فبينما يبدو أحمد شفيق وعمر سليمان كوجوه "محروقة" يصعب تسويقها للإسلاميين أو للجمهور العام، يبدو عمرو موسى على الجانب الآخر وجهاً مقلقاً أخذاً فى الاعتبار شعبيته المعتبرة والتى قد تسمح له بتأسيس موقع ثالث للنفوذ يتجاوز هذه التفاهمات. إلا أن عمرو موسى مايزال خياراً مقبولاً بالطبع، أو هو ثانى أفضل الخيارات إن جاز التعبير. وينطبق هذا الوضع أيضاً على محمد سليم العوا ذو الشعبية الأقل.
فى هذا السياق، برز فى الأيام الأخيرة اسم الثنائى منصور حسن وسامح سيف اليزل بوصفهما خياراً معقولاً ليعبر عن هذا التوافق. فالأول كان وجهاً مقبولاً لجماعة الإخوان وأقسام من المعارضة المصرية خلال حقبة مبارك. وهو وجه محافظ أبدى استعداده الدائم للتعاون مع المجلس العسكرى ويبدو قادراً على تفهم تخوفات الجيش من الوضع الجديد المنفلت وسعيه للحيلولة دون امتداد مفاعيل الثورة إلى حدود مناطق نفوذ المؤسسة العسكرية. من جهة أخرى، فضعف منصور حسن نفسه وافتقاره لأى شعبية معتبرة قد يكون عاملاً آخر يدفع الإخوان لاحتضانه أخذاً فى الاعتبار أن هدف الإخوان من المعركة الرئاسية كما سبق الذكر يقتصر على طمأنة الطغمة الأمنية وتجنب إحتمال إفراز رئاسة قوية قادرة على منازعة الإخوان مكتسباتهم (تأمل الموقف مثلاً إذا نجح الرئيس الجديد فى تزعم تشكيل سياسى بعد وصوله للسلطة).
أما سيف اليزل فعلى الرغم من انسحابه السريع والغامض من حملة منصور حسن إلا أن مجرد طرح إسمه لا يخلو من دلالات مهمة. فالرجل يجسد فى شخصه هذا الاستيعاب المتبادل بين شرائح الطغمة الحاكمة المختلفة. فهو عسكرى سابق انتهى به المقام فى جهاز المخابرات العامة، والأخير قد تدعم دوره بشكل غير مسبوق فى عملية صنع القرار خصوصاً فى مجال السياسية الخارجية وتعريف أبعاد الأمن القومى خلال العقدين الأخيرين تحت رئاسة عمر سليمان. ومن رحم عمله فى الجهاز، تحول سيف اليزل من شخصية عسكرية إلى رجل أعمال يرأس مجلس إدارة شركة مرموقة فى مجال الخدمات الأمنية وممثلاً محلياً لأحد أكبر شركات الخدمات الأمنية فى العالم وعضواً فى جمعية الأعمال المصرية- الإنجليزية. وفى زمن الثورة يعيد سيف اليزل إستنساخ نفسه "كخبير استراتيجى"، أى داعية أيديولوجى للمُركّب الامنى-العسكرى ومعبراً عن مخاوفه. باختصار يُعد سيف اليزل هذا مثالاً نادراً لشخصية من الكتلة الحاكمة قادرة على لعب كافة الأدوار الإقتصادية والسياسية والأيديولوجية فى نفس الوقت. ومن ثم يظهر فى الصورة بوصفه الضمانة الصريحة "للأجهزة السيادية" التى تخشى بدورها من تغول الإخوان فى مواجهة رئيس ضعيف كحسن. آخر نموذج حىّ أخرجته لنا هذه الطغمة قادر على لعب هذه الأدوار– والأمر لا يخلو من مفارقة- كان الثنائى جمال مبارك وأحمد عز!
على الرغم من ذلك، لا يبدو خيار منصور حسن بدوره خياراً مثالياً أو سهلاً، بل وربما تفشل المحاولة بالكامل كما حدث مع اسم الدكتور نبيل العربى. فمن جهة أولى، سيتطلب ابتلاع الإخوان لشخص كمنصور حسن بعض الوقت وربما تنازلات جديدة من قبل الطغمة الحاكمة- كإقالة حكومة الجنزورى أو تطعيمها بوجوه من حزبىّ الأغلبية. وربما تفشل الجماعة فى فرض هذا الإسم على قواعدها التى لازالت تتنازعها الأهواء ولم تنعزل تماماً عن معسكر القوى الساعية لتصفية النظام بالمجمل عبر طرق أكثر حسماً وجذرية سواء على طريقة عبد المنعم أبو الفتوح أو طريقة حازم صلاح أبو إسماعيل. وربما يشكل هذا التوتر الداخلى فى الجماعة عاملاً يدفعها باتجاه طرح أسماء أخرى تعبر عن رؤيتها هى للتوافق كالمستشار حسام الغريانى مثلاً. بل وربما يدفعها هذا الوضع الحرج للتراجع عن موقفها المعلن منذ تنحى مبارك وهو عدم الدفع بأخد رموزها للسباق الانتخابى. فى هذا السياق، يجرى تداول إسم خيرت الشاطر كمرشح محتمل بطرح فى اللحظة الأخيرة لانقاذ وحدة الصف الإخوانى، هذا بخلاف إمكانية احتضان أبو الفتوح. من جهة أخرى، سيتطلب فرض أى وافد جديد إلى حلبة السباق على الرأى العام مجهوداً جبّاراً فى ظل المنافسة الشرسة من مرشحين أسسا حضوراً قوياً فى الإعلام خلال العام الماضى وفى ظل معسكر ثورى معبأ لمواجهة أى محاولة تلاعب بنتيجة العملية الانتخابية (واحتمالات التلاعب تلك لا يجب استبعادها فى ظل فضيحة قضاة التمويل الأخيرة). فى كل الأحوال، لا يجب أن يغيب عن أذهاننا أننا بصدد خيارات طغمة حاكمة مأزومة ونظام يتداعى...هى خيارات تصدر عن موقع ضعف فى التحليل الأخير.
(3)
هكذا يبدو المشهد معقداً وحرجاً لجميع الأطراف. فمن ناحية أولى، لا تتوافر إمكانية لإفراز رئيس جديد يلعب دور البونابرت- على طريقة بوتين مثلاً- يتعالى على الجميع ويحتفظ لنفسه باستقلالية فى مواجهة كافة الأطراف المتصارعة وذلك نتيجة وجود خلل واضح فى موازين القوى لصالح طرف واحد وهو الإخوان. قد يتغير الموقف فى المستقبل وتظهر مثل هذه الشخصية ولكن ذلك الاحتمال مرهون بفشل تجربة الإخوان فى الحكم، وهو إحتمال يصعب التكهن به فى هذه المرحلة المبكرة. حتى تأسيس الرئيس المنتظر لكيان سياسى جديد لن يؤدى إلا لترسيخ واقع التعددية الحزبية عن طريق تأسيس نظام ديمقراطى يدور حول حزبين كبيرين أو ماشابه. وبالمثل، لا يبدو الرئيس القادم تعبيراً عن مناورة تعيد بها البيروقراطية تأسيس هيمنتها كما حدث فى العديد من تجارب أوروبا الشرقية- وعلى رأسها التجربة الرومانية التى يشير إليها الكثيرون بشكل سطحى فى تقديرى- إذ أن البيروقراطية المصرية لم تشكل فى يوم من الأيام طبقة حاكمة تمارس سلطتها عن طريق حزب قوى ومهيمن بما يسمح لها بمثل هذه المناورات، كما أن وجود طبقة سياسية جديدة متميزة يكبح هذا الميل كما سبق الذكر. فعلى الأرجح أننا لن نرى شبيهاً للرئيس الرومانى إيون إليسكو الذى خلف شاوشيسكو واستطاع الحفاظ على أركان النظام القديم وشبكات مصالحه مع انفتاح محسوب وتدريجى بالتفاهم مع الجيش.
فى المقابل، لا أعتقد أننا فى وارد رؤية فاشية دينية على الطراز الإيرانى حيث يكتسح أىٍ من المرشحين الإسلاميين السباق ويستكمل مهمة تمكين الطبقة السياسية الجديدة من جهاز الدولة بالكامل. أجهزة الدولة لم تنهار على النحو الذى يسمح للطبقة السياسية الصاعدة بمثل هذا الحسم كما أن التيار الإسلامى فى مصر بتركيبته الإجتماعية وخلفيته الفكرية يختلف عن ملالى إيران ذوى النزعة الشعبوية الزاعق. وكذلك أزعم أننا لا نرى نمطاً مشابهاً للحال فى باكستان حيث دعّم الجيش، أو تفاهم مع، بعض القوى الإسلامية لكبح منافسيه الرئيسيين. فالأغلبية فى حالتنا إسلامية صرفة ولا يوجد على يمينها قوة إسلامية معتبرة مؤهلة لمثل هذه التفاهمات مع الجيش. وفى المقابل، لا يغرى وضع القوى المدنية بأى تحالفات معها كما أن قوامها الشاب راكم حساسية معتبرة فى مواجهة هذه الفكرة. ومن ناحية أخرى، فانهيار أسطورة المؤسسة العسكرية "المهنية المنضبطة" وتدهور شعبية الجيش طوال العام الماضى كلها اعتبارات لا تسمح بمزيد من الانقلابات فى المستقبل القريب كتلك التى أقدم عليها جنرالات باكستان لمواجهة محاولات إخضاعهم لسلطة المدنيين بشكل كامل. وأخيراً، فمصلحة الجيش الأصيلة فى الحفاظ على المسرح الإقليمى هادئاً لا ترجح إمكانية تورطه فى أى عبث بالأوضاع الإقليمية لتأزيم المشهد الداخلى والإبقاء على مناطق نفوذه على غرار ما تقدم عليه المخابرات العسكرية الباكستانية بين الحين والآخر.
باختصار نحن فى مصر 2012 ...حيث لاتبدو الديمقراطية هدفاً بعيد المنال بقدر ما تبدو الترتيبات الديمقراطية، والتى تأتى انتخابات الرئاسة كمتمم لها، مقدمة لموجات جديدة من التجذير محورها هو حدود هذه الديمقراطية ومفهومها...ويبقى السؤال معلقاً: هل فى مقدور معسكر قوى الثورة بالمعنى الواسع للكملة إفشال سيناريو التوافق بالكامل أو على الأقل خوض معركة حقيقية فى مواجهة مرشح التوافق ذاك؟ معركة تفرض عليه ولادة متعثرة وتعمق من هشاشة وضعه بما يبقى على المجال السياسى مفتوحاً ويحول دون إعادة تأسيس دعائم الدولة الأمنية مرة أخرى فى حالة فشل الإخوان؟... استكشاف شروط هذه الإمكانية قد يكون موضوع لكتابة أخرى على أية حال.